وهبه كالشمس في حسن ألم ترنا ... نفر منها إذا مالت إلى الضرر١
أو قول ابن الرومي:
بذل الوعد للأخلاء سمحا ... وأبى بعد ذاك بذل العطاء
فغدا كالخلاف يُورِق للعَيْـ ... ـن ويأبى الإثمار كل الإباء٢
أو قول أبي تمام:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود٣
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يُعرَف طيب عَرْف العود٤
وقوله أيضا:
وطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديباجتيه فاغترب يتجدد٥
فإني رأيت الشمس زِيدت محبة ... إلى الناس أن ليست عليهم بسَرْمَد٦
وقس حالك -وأنت في البيت الأول ولم تنتهِ إلى الثاني- على حالك وأنت قد انتهيتَ إليه ووقفتَ عليه، تعلم بُعد ما بين حالتيك في تمكن المعنى لديك، وكذا تَعَهَّدِ الفرق بين أن تقول:"الدنيا لا تدون" وتسكت وأنت تذكر عقيبه ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من في الدنيا ضيف، وما في يده عارية، والضيف مرتحل والعارية مؤداة" , أو تنشد قول لبيد:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوما أن ترد الودائع٧
وبين أن تقول:"أرى قوما لهم منظر، وليس لهم مخبر" وتقطع الكلام، وأن تُتبعه نحو قول ابن لنكك:
في شجر السَّرْو منهم مَثَل ... له رُواء وما له ثمر٨
وانظر في جميع ذلك إلى المعنى في الحالة الثانية كيف يتزايد شرفه عليه في الحالة الأولى.