وقد يُتسَامح بذكر ما يستتبعه مكانه٢ كقولهم في وصف الألفاظ إذا وجدوها لا تثقل على اللسان لتنافر حروفها أو تكرارها، ولا تكون غريبة وحشية تستكره لكونها غير مألوفة، ولا مما تبعد دلالتها على معانيها:"هي كالعسل في الحلاوة، وكالماء في السلاسة، وكالنسيم في الرقة" وقولهم في الحُجَّة إذا كانت معلومة الأجزاء، يقينية التأليف، بينة الاستلزام للمطلوب:"هي كالشمس في الظهور"، والجامع في الحقيقة لازم الحلاوة؛ وهو ميل الطبع، ولازم السلاسة والرقة؛ وهو إفادة النفس نشاطا ورَوْحا٣، ولازم الظهور؛ وهو إزالة الحجاب٤؛ فإن شأن النفس مع الألفاظ الموصوفة بتلك الصفات كشأنها مع العسل الذي يَلَذّ طعمه فتهَش النفس له، ويميل الطبع إليه، ويُحب وروده عليه، أو كشأنها مع الماء الذي يسوغ في الحلق، ومع النسيم الذي يسري في البدن، فيتخلل المسالك اللطيفة منه، فيفيدان النفس نشاطا وروحا. وشأنها مع الشبهة التي تمنع القلب إدراك ما هي شبهة فيه، كشأنها مع الحجاب الحسي الذي يمنع أن يُرَى ما يكون من ورائه؛ ولذلك توصف بأنها اعترضت دون الذي يروم القلب إدراكه.
قال الشيخ صاحب المفتاح٥:"وتسامحهم هذا لا يقع إلا حيث يكون التشبيه في وصف اعتباري كالذي نحن فيه٦. وأقول: يشبه أن يكون تركهم التحقيق في وجه الشبه على ما سبق التنبيه عليه من تسامحهم هذا"٧ انتهى كلامه.