للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالته على ما هو معناه؛ فقد عرفت أن منشأ هذا الظن عدم تحصيل معنى المشترك الدائر بين الوضعين".

وفيما ذكره نظر؛ لأنا لا نسلم أن معناه الحقيقي ذلك. وما الدليل على أنه عند الإطلاق يدل عليه؟ ثم قوله: "إذا قيل: القرء بمعنى الطهر أو: لا بمعنى الحيض، فهو دال بنفسه على الطهر بالتعيين" سهو ظاهر؛ فإن القرينة كما تكون معنوية، تكون لفظية، وكل من قوله: "بمعنى الطهر" وقوله: "لا بمعنى الحيض" قرينة١.

إنكار الوضع:

وقيل: دلالة اللفظ على معناه لذاته٢، وهو ظاهر الفساد؛ لاقتضائه أن يمنع نقله إلى المجاز وجعله علما ووضعه للمضادين؛ كالجون للأسود والأبيض؛ فإن ما بالذات لا يزول بالغير، ولاختلاف اللغات باختلاف الأمم.

وتأوله السكاكي -رحمة الله٣- على أنه تنبيه على ما عليه أئمة علمي الاشتقاق والتصريف؛ من أن للحروف في أنفسها خواص بها تختلف؛ كالجهر، والهمس، والشدة، والرخاوة، والتوسط بينها، وغير ذلك، مستدعية أن العالم بها إذا أخذ في تعيين شيء منها لمعنى لا يهمل التناسب بينهما؛ قضاء لحق الحكمة٤ كـ "الفَصْم" "بالفاء" الذي هو حرف رخو لكسر الشيء من غير أن يبين٥، والقَصْم "بالقاف" الذي هو حرف شديد لكسر الشيء حتى يبين، وأن للتركيبات٦ كالفَعَلان والفَعَلى بالتحريك كالنزوان والحيدى وفعُل مثل شرف وغير ذلك، خواص أيضا٧، فيلزم فيها ما يلزم في الحروف، وفي ذلك نوع تأثير لأنفس الكلم في اختصاصها بالمعاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>