للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حسن تصريف الأصابع، واللطف في رفعها ووضعها، كما في الخط والنقش.

وعلى ذلك قيل في تفسير قوله تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} ١ أي: نجعلها كخف البعير، فلا يتمكن من الأعمال اللطيفة، فأرادوا بالإصبع الأثر الحسن، حيث يقصد الإشارة إلى حذق في الصنعة لا مطلقا، حتى يقال٢: "رأيت أصابع الدار، وله إصبع حسنة، وإصبع قبيحة" على معنى: له أثر حسن، وأثر قبيح, ونحو ذلك.

وينظر إلى هذا قولهم: "ضربته سوطا"؛ لأنهم عبروا عن الضربة الواقعة بالسوط باسم السوط، فجعلوا أثر السوط سوطا. وتفسيرهم له بقولهم: "المعنى ضربته ضربة بالسوط" بيان لما كان الكلام عليه في أصله.

ونظير قولنا: "له علي يد" قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه: "أسرعكن لحوقا -ويروى لحاقا- بي أطولكن يدا"، وقوله: "أطولكن" نظير ترشيح الاستعارة، ولا بأس أن يسمى ترشيح المجاز، والمعنى٣: بسط اليد بالعطاء، وقيل: قوله: "أطولكن" من الطَّوْل بمعنى الفضل؛ يقال: "لفلان على فلان طَوْل" أي: فضل؛ فاليد على هذين الوجهين٤ بمعنى النعمة، ويحتمل أن يريد: أطولكن يدا بالعطاء؛ أي: أمدكن، فحذف قوله: "بالعطاء" للعلم به٥.

وكاليد أيضا إذا استعملت في القدرة؛ لأن أكثر ما يظهر سلطانها في اليد، وبها يكون البطش، والضرب، والقطع، والأخذ، والدفع، والوضع، والرفع، وغير ذلك من الأفعال التي تنبئ عن وجود القدرة ومكانها. وأما اليد في قول النبي صلى الله عليه وسلم:

<<  <  ج: ص:  >  >>