فإن الفيض موضوع لحركة الماء على وجه مخصوص؛ وذلك أن يفارق مكانه دفعة، فينبسط، وللفجر انبساط شبيه بذلك. وكاستعارة التقطيع لتفريق الجماعة وإبعاد بعضهم عن بعض في قوله تعالى:{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا} ١، فإن القطع موضوع لإزالة الاتصال بين الأجسام التي بعضها ملتزق ببعض؛ فالجامع بينهما إزالة الاجتماع التي هي داخلة في مفهومهما، وهي في القطع أشد. وكاستعارة الخياطة لسرد الدرع في قول القطامي:
لم تلق قوما هم شر لإخوتهم ... منا عشية يجري بالدم الوادي
نقريهم لهذميات نقد بها ... ما كان خاط عليهم كل زرّاد٢
فإن الخياطة تضم خرق القميص، والسرد يضم حلق الدرع؛ فالجامع بينهما الضم الذي هو داخل في مفهومهما، وهو في الأول أشد.
وكاستعارة النثر لإسقاط المنهزمين وتفريقهم في قول أبي الطيب:
نثرته فوق الأحيدب نثرة ... كما نُثرت فوق العروس الدراهم٣
لأن النثر أن تجمع أشياء في كف أو وعاء، ثم يقع فعل تتفرق معه دفعة من غير ترتيب ونظام، وقد استعاره لما يتضمن التفرق على الوجه المخصوص، وهو ما اتفق من تساقط المنهزمين في الحرب دفعة من غير ترتيب ونظام، ونسبه إلى الممدوح؛ لأنه سببه٤.