للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنام ليلي وتجلى همي١

وقوله:

وشيّب أيام الفراق مفارقي٢

وقوله:

ونمتِ ما ليل المطي بنائم٣

وإما مجازان٤ كقولنا: "أحيا الأرضَ شبابُ الزمان"٥.

وإما مختلقان: كقولنا: "أنبت البقلَ شبابُ الزمان"، وكقولنا: "أحيا الأرض الربيع" وعليه قول الرجل لصاحبه: "أحيتني رؤيتك" أي: آنستني وسرتني, فقد جعل الحاصل بالرؤية من الأنس والمسرة حياة، ثم جعل الرؤية فاعلة له.

ومثله قول أبي الطيب "من الطويل":


١ هو لرؤبة بن العجاج، وقبله:
يا رب قد فرجت عني غمي ... قد كنت ذا هم وراعي نجم
وقوله: "تجلى" بمعنى انكشف، والشاهد في قوله: "نام ليلي".
٢ قيل: إنه لجرير من قوله "الطويل":
وشيب أيام الفراق مفارقي ... وأنشزن نفسي فوق حيث تكون
ولكنه لا يوجد في ديوانه، وقوله: "أنشزن" بمعنى: رفعن، وقوله: "تكون" مأخوذ من كان التامة، والمعنى: أيام الفراق رفعت نفسه عن مكانها في الجسم وبلغت بها الحلقوم، والشاهد في قوله: "وشيب أيام الفراق".
٣ هو لجرير من قوله "من الطويل":
لقد لمُتِنِي يا أم غيلان في السرى ... ونمتِ وما ليل المطي بنائم
وأم غيلان: ابنته، والسرى: السير ليلا، والشاهد في قوله: "وما ليل المطي بنائم", والمعنى: أنه لا يقطع السير بالليل ولا ينام.
٤ أي: لغويان.
٥ فإحياء الأرض مجاز عن خصبها، وشباب الزمان مجاز عن الربيع، وفي اجتماع المجاز اللغوي والمجاز العقلي طرافة تجعل لذلك التقسيم فائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>