للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهد رجل عند شريح فقال: "إنك لَسَبْط الشهادة"١ فقال الرجل: "إنها لم تجعَّد عني"٢؛ فالذي سوغ بناء الجار وتجعيد الشهادة هو مراعاة المشاكلة، ولولا بناء الدار لم يصح بناء الجار، ولولا سبوطة الشهادة لامتنع تجعيدها.

ومنه قول بعض العراقيين في قاضٍ شهد عنده برؤية هلال الفطر، فلم يقبل شهادته:

أترى القاضي أعمى ... أم تراه يتعامى

سرق العيد كأن الـ ... ـعيد أموال اليتامى٣

وأما الثاني: فكقوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البقرة: ١٣٨] وهو مصدر مؤكد٤ منتصب عن قوله: {آمَنَّا بِاللَّهِ} ، والمعنى "تطهير الله"؛ لأن الإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية, ويقولون: هو تطهير لهم. فأُمر المسلمون بأن يقولوا لهم: قولوا آمنا بالله وصبغنا الله بالإيمان صبغة لا مِثل صبغتنا، وطهّرنا به تطهيرا لا مثل تطيرنا. أو يقول المسلمون: صبغنا الله بالإيمان صبغته ولم يصبغ صبغتكم، وجيء بلفظ الصبغة٥ للمشاكلة، وإن لم يكن قد تقدم لفظ الصبغ؛ لأن قرينة الحال التي هي سبب النزول من غمس النصارى أولادهم في الماء الأصفر دلت على ذلك؛ كما تقول لمن يغرس الأشجار: "اغرس كما يغرس فلان" تريد رجلا يصطنع الكرام٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>