سرى خلف الصباح يطير مشيا ... ويطوي خلفه الأفلاك طيا
فلما خاف وَشْك الفوت منه ... تشبث بالقوائم والمحيا١
وأما الثاني٢ فكقول أبي الطيب:
ما به قتل أعاديه ولكن ... يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب٣
فإن قتل الملوك أعداءهم في العادة لإرادة هلاكهم، وأن يدفعوا مضارهم عن أنفسهم؛ حتى يصفو لهم ملكهم من منازعتهم، لا لما ادعاه من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه، ومحبته أن يصدق رجاء الراجين بعثته على قتل أعدائه؛ لما علم أنه لما غدا للحرب غدت الذئاب تتوقع أن يتسع عليها الرزق من قتلاهم، وهذا مبالغة في وصفه بالجود، ويتضمن المبالغة في وصفه بالشجاعة على وجه تخييلي٤، أي: تناهى في الشجاعة حتى ظهر ذلك للحيوانات العجم، فإذا غدا للحرب رجت الذئاب أن تنال من لحوم أعدائه، وفيه نوع آخر من المدح وهو أنه ليس ممن يسرف في القتل طاعة للغيظ والحنق.