٢ بيان ذلك: أن الحقيقة والمجاز العقليين حالان من أحوال اللفظ، وأنه يؤتى بهما لأحوال تقتضيهما؛ لأن ملابسات الفعل السابقة تقتضي الإتيان بالمجاز العقلي عند قصد المبالغة، وعدمها يقتضي الإتيان بالحقيقة العقلية، وبهذا يدخلان في تعريف علم المعاني، وإنما لم يدخلا في تعريف علم البيان؛ لأنهما ليسا من أحوال الدلالة. وقد اعترض على هذا بأن الحقيقة والمجاز اللغويين حالان من أحوال اللفظ أيضا، وكل منهما له أحوال تقتضيه كالحقيقة والمجاز العقليين، وقد ذكرهما الخطيب كغيره في علم البيان، فإذا أجيب بأنهما من أحوال الدلالة فيدخلان في علم البيان، قيل: إنه يمكن جعل الحقيقة والمجاز العقليين من أحوال الدلالة أيضا؛ لأن إنبات البقل مثلا يمكن أن يدل عليه بقولنا: "أنبت الله البقل" على طريق الحقيقة، وبقولنا: "أنبت الربيع البقل" على طريق المجاز، وهكذا، ولكن هذا يتوقف على دخول دلالة الحقيقة في طرق الدلالة المذكورة في تعريف علم البيان.