بَيْنَ أَنْ يُرِيدُوا الْقُرْبَةَ أَوْ يُرِيدُ بَعْضُهُمُ الْقُرْبَةَ، وَبَعْضُهُمُ اللَّحْمَ، فَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ صَحَّ الاشْتِرَاكُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ اللَّحْمَ لَمْ يَصِحَّ.
وَيُجْزِئ فِي الأَضَاحِي مَا يُجْزِئ في الدماء الواجبة في الجبران، وقد بيناه في باب الإحرام.
ولا يجزي في الهدى والأضحية مَا فِيهِ عَيْبٌ يُنْقِصُ اللَّحْمَ، وَهِيَ خَمْسٌ: الْقَرْنُ، وَالأُذُنُ، وَهِيَ الَّتِي قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: هِيَ الَّتِي ذَهَبَ ثُلُثُ قَرْنِهَا وَأُذُنِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَقْطُوعَةُ الأُذُنِ تَجُوزُ، وَالْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ إِذَا لَمْ يُدْمِ قَرْنُهَا جَازَ.
وَأَمَّا الْجَمَّاءُ فَهَلْ تُجْزِئُ؟ لأَصْحَابِنَا فِيهَا وَجْهَانِ.
وَالْعَوْارَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا: وَهِيَ الَّتِي قَدِ انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا.
وَالْعَجْفَاءُ وَهِيَ الْهَزِيلَةُ الَّتِي لا نَقَى لَهَا، وَهُوَ الْمُخُّ.
وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضِلَعُهَا فَلا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ مَعَ الْغَنَمِ، وَلا عَلَى مُشَارَكَتِهِنَّ فِي الْعَلَفِ.
وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا: وَهِيَ الْجَرْبَاءُ؛ لأَنَّ جَرَبَهَا يُفْسِدُ اللَّحْمَ.
فَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لا يُضَحَّى بِمُقَابِلَةٍ وَلا بِمُدَابِرَةٍ وَلا خَرْقَاءَ، وَلا شَرْقَاءَ» فَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَالإِجْزَاءُ يَقَعُ.
وَالْمُقَابِلَةُ: الَّتِي يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ مَقْدَمِ أُذُنِهَا وَبَقِيَ مُعَلَّقًا.
وَالْمُدَابِرَةُ: الَّتِي يُقْطَعُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ خَلْفِ أُذُنِهَا.
وَالْخَرْقَاءُ: الَّتِي قَدْ ثَقَبَ الْكَيُّ أُذُنَهَا، وَيُجْزِئ الْخَصِيُّ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُذْبَحَ الإِبِلُ قَائِمَةً مُعَقَلَّةً وَتُذْبَحَ مَا سِوَاهَا مُضَجَعَةً، وَلا تُنْحَرُ.