للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاعْتَلَّ اسْفِنْدِيَارْدُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا تَشْتَهِي؟ فَقَالَ: شَمَّةً مِنْ تُرْبَةِ بَلْخٍ، وَشَرْبَةً مِنْ مَاءِ وَادِيهَا.

وَاعْتَلَّ سَابُورُ ذُو الْأَكْتَافِ بِالرُّومِ، وَكَانَ مَأْسُورًا بِهَا، وَكَانَتْ بِنْتُ مَلِكِهِمْ قَدْ عَشِقَتْهُ، فَقَالَتْ لَهُ: مَا تَشْتَهِي؟ فَقَالَ: شَرْبَةً مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ، وَشَمِيمًا مِنْ تُرَابِ إِصْطَخَرَ، فَغَابَتْ عَنْهُ أَيَّامًا ثُمَّ أَتَتْهُ بِمَاءٍ مِنَ الْفُرَاتِ، وَقَبْضَةٍ مِنْ شَاطِئِهِ، وَقَالَتْ: هَذَا مِنْ دِجْلَةَ وَهَذِهِ تُرْبَةُ أَرْضِكَ، فَشَرِبَ بِالْوَهَمِ، وَاشْتَمَّ مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ، فَنَقِهَ مِنْ عِلَّتِهِ.

وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا سَافَرَتْ حَمَلَتْ مَعَهَا مِنْ تُرْبَةِ بَلَدِهَا تَسْتَشْفِي بِهِ عِنْدَ مَرَضٍ يَعْرِضُ.

وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيَّةَ:

نَسِيرُ عَلَى عِلْمٍ بِكُنْهِ مَسِيرِنَا ... وَعِدَّةِ زَادٍ فِي بَقَايَا الْمَزَاوِدِ

ونَحْمِلُ فِي الأَسْفَارِ مِنَّا قُبَيْضَةً ... مِنَ الْبَلَدِ النَائِي لِحُبِّ الْمَوَالِدِ

ولَمَّا حُمِلَتْ نَائِلَةُ بِنْتُ الْفَرَافِصَةِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَرِهَتْ فِرَاقَ أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لِأَخِيهَا ضَبٍّ:

أَلَسْتَ تَرَى بِاللَّهِ يَا ضَبُّ أَنَّنِي ... مُوَافِقَةٌ نَحْوَ الْمَدِينَةِ أَرْكَبَا

<<  <   >  >>