للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَلْهُ عَنْ ذَلِكَ الشِّعْرِ.

فَقَالَ الآخَرُ: يَا إِنْسِيُّ يَا إِنْسِيُّ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا جِنِّيُّ يَا جِنِّيُّ؟ فَقَالَ: نَحْنُ مِنْ أَصْحَابِ مَوْلاكَ، تُجِيزُ لَنَا شِعْرًا حَتَّى نَعْلَمَ صِدْقَ دَعْوَاكَ.

قُلْتُ: قُولا.

فَقَالَ:

مُدَلَّهُ الْقَلْبِ غَائِبٌ سَاهِي ... مُقَرَّبُ الْقَلْبِ شَاهِدٌ رَائِي

مُبَلْبَلُ السِّرِّ وَالِهٌ دَنِفٌ ... مُؤَانَسُ الْقَلْبِ ذَاهِبٌ فَانِي

فَأَجَبْتُهُمْ، فَقُلْتُ:

فَهُوَ مَعَ الْحَقِّ عَاقِلٌ فَطِنٌ ... وَهُوَ مَعَ الْحَقِّ ضَاحِكٌ بَاكِي

فَسَمِعْتُ ضَجَّةً مِنَ الَّذِي كَانَ يَسْأَلُنِي، أَلَيْسَ قَدْ قُلْتُ: لا تَعْرِضْ لِهَؤُلاءِ.

ثُمَّ قَالَ: مُرَّ الآنَ مَعَ دَعْوَاكَ.

فَقُلْتُ: أَزِيدُكُمْ بَيْتًا آخَرَ؟ فَقَالُوا: هَاتِ.

فَقُلْتُ:

مُحْتَجِبُ السِّرِّ غَيْرُ مُحْتَجِبٍ ... وَغَائِبٌ غَيْرَ أَنَّهُ بَادِي

فَسَمِعْتُ لَهُمَا ضَجَّةً شَدِيدَةً، ثُمَّ انْقَطَعَ عَلَيَّ كَلامُهُمْ، فَلا أَدْرِي مَاتَا أَوْ تَرَكَانِي وَذَهَبَا، وَمَضَيْتُ عَلَى حَالِي وَحَجَجْتُ

! ٢٢١ وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا الْخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ، عَنْ مُحَمَّدِ غُلامٍ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَدَّعْتُ الشَّيْخَ أَبَا عُبَيْدٍ حِينَ أَرَدْتُ الْحَجَّ، فَقَالَ لِي: إِذَا أَرَدْتَ شَيْئًا أَوْ جُعْتَ أَوْ عَطِشْتَ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَاجْعَلْهَا عَنْ يَمِينِكَ، فَإِذَا سَلَّمْتَ رَأَيْتَ كُلَّمَا تُحِبُّ.

قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى بَعْضِ الْمَنَازِلِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، وَالنَّاسُ يَصِيحُونَ: الْعَطَشَ.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: قَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَا قَالَ وَهُوَ صَادِقٌ، فَأَخَذْتُ الرَّكْوَةَ فَرَمَيْتُ بِهَا فِي مَصْنَعٍ، فَمَا سَلَّمْتُ إِلا وَالرِّيَاحُ تَذْهَبُ بِهَا وَتَجِيءُ عَلَى رَأْسِ الْمَاءِ، فَنَزَلَتْ، فَأَخَذْتُ الرَّكْوَةَ، ثُمَّ صِحْتُ بِالنَّاسِ، فَجَاءُوا وَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا

! ٢٢٢ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا

<<  <   >  >>