للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٦] ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: حَرُورِيَّةٌ لا تَرَى كَلامَنَا، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أَيْنَ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: ١] فَأَرْكَبْتُهَا بَعِيرِي، وَقُدْتُ بِهَا أُرِيدُ رِحَالَ الْمَقْدِسِيِّينَ، فَلَمَّا تَوَسَطْتُ الرِّحَالَ، قُلْتُ: يَا هَذِهِ بِمَنْ أُصَوِّتُ؟ فَقَرَأَتْ: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: ٢٦] ، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ} [مريم: ٧] ، {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢] ، فَنَادَيْتُ: يَا زَكَرِيَّا، يَا دَاوُدُ، يَا يَحْيَى.

فَخَرَجَ إِلَيَّ ثَلاثَةُ فُتْيَانٍ مِنْ بَيْنِ الرِّحَالِ، فَقَالُوا: أُمُّنَا وَرَبُّ الْكَعْبَةِ، ضَلَّتْ مُنْذُ ثَلاثٍ، فَأَنْزَلُوهَا، فَقَرَأَتْ: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩] فَغَدَوْا وَاشْتَرَوْا تَمْرًا وَفُسْتُقًا، وَجَوْزًا، وَسَأَلُونِي قَبُولَهُ، فَقَبِلْتُ، وَقُلْتُ: مَا لَهَا؟ فَقَالُوا: هَذِهِ أُمُّنَا، لَمْ تَتَكَلَّمْ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا بِالْقُرْآنِ مَخَافَةَ أَنْ تَزِلَّ

! ٢٣٠ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ، أَنْبَأنَا أَبُو سَعْدٍ الْحِيرِيُّ، أَنْبَأنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيرَازِيُّ، أَنْبَأنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ، أَنْبَأنَا غُلامُ خَلِيلٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْبَادِيَةِ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً تَمْشِي مَشْدُودَةَ الْوَسَطِ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْهَا، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدِينَ؟ فَقَالَتْ: إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ.

قُلْتُ: وَهَلْ مَعَكَ زَادٌ؟ قَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: غُلامُ الْخَلِيلِ.

فَأَخَذَتْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ مِنْ تَحْتِ

<<  <   >  >>