للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَاشِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلاءُ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، يَعْنِي هِشَامًا، فَسَمِعْتُ كَاتِبَهُ يَقُولُ:

وَمَا سَالِمٌ عَمَّا قَلِيلٍ بِسَالِمٍ ... وَلَوْ كَثُرَتْ حُرَّاسُهُ وَكَتَائِبُهُ

وَمَنْ يَكُ ذَا بَابٍ سَدِيدٍ وَحَاجِبٍ ... فَعَمَّا قَلِيلٍ يَهْجُرُ الْبَابَ حَاجِبُهُ

وَيَصُبْحُ لِلنَّاسِ بَعْدَ التَّحَجُّبِ عِبْرَةٌ ... رَهِينَةُ بَيْتٍ لَمْ تُسْتَرْ جَوَانِبُهُ

فَمَا كَانَ إِلا الدَّفْنُ حَتَّى تَحَوَّلَتْ ... إِلَى غَيْرِهِ أَجْنَادُهُ وَمَوَاكِبُهُ

وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِهِ كُلُّ كَاشِحٍ ... وَأَسْلَمَهُ جِيرَانُهُ وَأَقَارِبُهُ

وَقِيلَ لِبَعْضِ حُكَمَاءِ الْعَرَبِ: مَا أَبْلَغُ الْعِظَاتِ؟ قَالَ: النَّظَرُ إِلَى مَحِلِّ الأَمْوَاتِ

وَقَالَ أَبِوُ مِحْرِزٍ الطُّفَاوِيُّ: كَفَتْكَ الْقُبُورُ مَوَاعِظَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ.

وَكَانَ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَدِ احْتَفَرَ قَبْرًا لِنَفْسِهِ، فَكَانَ يَطَّلِعُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ إِطْلاعَةً.

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: نَحْنُ رَهَائِنُ الأَمْوَاتِ وَهُمْ عَلَيْنَا مُحْتَسِبُونَ حَتَّى نَرُدَّ إِلَيْهِمُ الرَّهَائِنَ فَيُحْشَرُونَ جَمِيعًا.

وَنَظَرَ ابْنُ السَّمَّاكِ إِلَى الْمَقْبُرَةِ، فَقَالَ لا يَغُرَّنَّكُمْ سُكُونُ أَهْلِ هَذِهِ الْقُبُورِ، فَمَا أَكْثَرَ الْمَغْمُومِينَ فِيهَا، وَلا يَغُرَّنَّكُمُ اسْتِوَاؤُهَا، فَمَا أَشَدَّ تَفَاوُتِهِمْ فِيهَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ وَصَلُوا إِلَى مَا وَصَلْنَا لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَوْ قِيلَ لَهُمُ: امْحُوا مِنْ ذُنُوبِكُمْ مَا شِئْتُمْ، وَزِيدُوا فِي حَسَنَاتِكُمْ مَا شِئْتُمْ لَمَحَوْا ذُنُوبَهُمْ وَزَادُوا حَسَنَاتِهِمْ أَضْعَافَهَا، وَقَدْ أُعْطِينَا نَحْنُ ذَلِكَ فَلا نَغْتَنِمُهُ، يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ أَنْ يَهْدِمَ خَطَايَا سَبْعِينَ سَنَةً فِي سَاعَةٍ

<<  <   >  >>