وَبِهِ حَدَّثَنَا الْقُرَشِيُّ، أَنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ مَرَادِسَ الْبَكْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْبُرٍ عَلَى شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ، فَإِذَا عَلَى أَحَدِهِمَا مَكْتُوبٌ:
وَكَيْفَ يَلَذُّ الْعَيْشَ مِنْ هُوَ عَالِمٌ ... بِأَنَّ إِلَهَ الْخَلْقِ لا بُدَّ سَائِلُهُ؟
فَيَأْخُذُ مِنْهُ ظُلْمَهُ لِعِبَادِهِ ... وَيَجْزِيهِ بِالْخَيْرِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُهُ
وَعَلَى الْقَبْرِ الثَّانِي مَكْتُوبٌ:
وَكَيْفَ يَلَذُّ الْعَيْشَ مَنْ كَانَ مُوقِنًا ... بِأَنَّ الْمَنَايَا بَغْتَةً سَتُعَاجِلُهُ
فَتَسْلُبُهُ مُلْكًا عَظِيمًا وَنَخْوَةً ... وَتُسْكِنُهُ الْبَيْتَ الَّذِي هُوَ آهِلُهُ
وَإِذَا عَلَى الْقَبْرِ الثَّالِثِ مَكْتُوبٌ:
وَكَيْفَ يَلَذُّ الْعَيْشَ مَنْ هُوَ صَائِرٌ ... إِلَى جَدَثٍ يُبْلِي الشَّبَابَ مَنَاهِلُهُ
وَيُذْهِبُ رَسْمَ الْوَجْهِ مِنْ بَعْدِ ضَوْئِهِ ... وَيَبْلَى سَرِيعًا جِسْمُهُ وَمَفَاصِلُهُ
أَصْلَحْتُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ كَلِمَةً حَتَّى اسْتَقَامَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَنْبَأنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الثَّعَالِبِيُّ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجِيلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الشَّاعِرُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى قَبْرٍ:
الْمَوْتُ أَخْرَجَنِي مِنْ دَارِ مَمْلَكَتِي ... فَالتُّرْبُ مُضْطَجَعِي مِنْ بَعْدِ تَتْرِيفِي
لِلَّهِ عَبْدٌ رَأَى قَبْرِي فَأَحْزَنَهُ ... وَخَافَ مِنْ دَهْرِهِ رَيْبَ التَّصَارِيفِ
هَذَا مَصِيرُ ذَوِي الدُّنْيَا وَإِنْ جَمَعُوا ... فِيهَا وَغَرَّهُمْ طُولُ التَّسَاوِيفِ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ عَمْدِي وَمِنْ خَطَئِي ... وَأَسْأَلُ اللَّهَ فَوْزِي يَوْمَ تَوْقِيفِي
قَالَ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى قَبْرٍ:
أَيَضْمَنُ لِي فَتًى تَرْكَ الْمَعَاصِي ... وَأَرْهَنُهُ الْكَفَالَةَ بِالْخَلاصِ
أَطَاعَ اللَّهَ قَوْمٌ فَاسْتَرَاحُوا ... وَلَمْ يَتَجَرَّعُوا غُصَصَ الْمَعَاصِي