قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَأَيْتُ عَلَى قَبْرٍ مَكْتُوبٌ:
أَنَا فِي الْقَبْرِ وَحِيدٌ ... قَدْ فَرَّ الأَهْلُ مِنِّي
أَسْلَمُونِي لِذُنُوبِي ... خِبْتُ إِنْ لَمْ يَعْفُ عَنِّي
قَالَ: وَرَأَيْتُ عَلَى قَبْرٍ:
الْقَبْرُ بَيْتٌ سَوْفَ تَسْكُنُهُ ... مَاذَا عَمِلْتَ لِيَوْمِ الْقَبْرِ يَا سَاهِي
وَبِالإِسْنَادِ، قَالَ الْقُرَشِيُّ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ، قَالَ: مَرَّ صَالِحٌ الْمُرِيُّ بِقَصْرٍ قَدْ خَرِبَ، وَبِفِنَائِهِ قَبْرَانِ، وَأَسْوَدٌ جَالِسٌ عِنْدَهَا، فَقَالَ: يَا صَالِحُ، ادْنُ تَرَى عِبَرًا، فَإِنَّ رَبَّا هَذَا الْقَصْرِ صَارَا إِلَى مَا تَرَى، قَالَ: وَعَلَى الْقَبْرِ مَكْتُوبٌ:
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ سِيرُوا الْيَوْمَ وَاعْتَبِرُوا ... فَعَنْ قَلِيلٍ تَكُونُوا مِثْلَنَا عِبَرَا
كُنَّا وَكَانَتْ لَنَا الدُّنْيَا بِلَذَّتِهَا ... فَمَا اعْتَبَرْنَا وَمَا كُنَّا لِنَزْدَجِرَا
حَتَّى رَمَانَا الرَّدَى مِنْهُ بِأَسْهُمِهِ ... فَلَمْ يُبْقِ لَنَا عَيْنًا وَلا أَثَرَا
وَقُرِئَ عَلَى قَبْرٍ:
هَذِي مَنَازِلُ أَقْوَامٍ عَهِدْتُهُمْ ... فِي ظِلِّ عَيْشٍ عَجِيبٍ مَا لَهُ خَطَرُ
صَاحَتْ بِهِمْ حَادِثَاتُ الدَّهْرِ فَانْقَلَبُوا ... إِلَى الْقُبُورِ فَلا عَيْنٌ وَلا أَثَرُ
وَقُرِئَ عَلَى قَبْرٍ:
يَمُرُّ أَقَارِبِي جَنَبَاتِ قَبْرِي ... كَأَنَّ أَقَارِبِي لَمْ يَعْرِفُونِي
وَقَدْ أَخَذُوا سِهَامَهُمُ وَعَاشُوا ... فَيَا اللَّهَ أَسْرَعَ مَا نَسُونِي
وَقُرِئَ عَلَى قَبْرٍ:
أَقُولُ وَقَدْ فَاضَتْ دُمُوعِي جَمَّةً ... أَرَى الأَرْضَ تَبْقَى وَالأَخِلَّةَ تَذْهَبُ
أَخِلايَ لَوْ غَيْرَ الْمَمَاتِ أَصَابَكُمْ ... عَتِبْتُ وَلَكِنْ مَا عَلَى الْمَوْتِ مُعْتِبُ
وَقُرِئَ عَلَى قَبْرٍ:
تَزَوَّدْ قَرِينًا مِنْ فِعَالِكَ إِنَّمَا ... قَرِينُ الْفَتَى فِي الْقَبْرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ