عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ» .
وَقَالَ فِي ذَمِّ الدُّنْيَا: أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَآخِرُهَا فَنَاءٌ، مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ، وَمَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ، وَمَنْ قَعَدَ عَنْهَا أَتَتْهُ، وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ، وَمَنْ بَطِرَ بِهَا بَصُرَتْهُ.
وَقَالَ: إِنِّي لأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونُ ذَنْبٌ أَعْظَمَ مِنْ عَفْوِي، أَوْ جَهْلٌ أَعْظَمَ مِنْ حِلْمِي، أَوْ عَوْرَةٌ لا يُوَارِيهَا سَتْرِي، أَوْ خُلَّةٌ لا يَسُدُّهَا جُودِي، وَقَالَ: إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدِوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْرَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ: إِنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَارًا، وَمُرَبُّونَ اقْتِسَارًا، وَمَضْمُنُونَ أَجْدَاثًا، وَكَامِنُونَ رُفَاتًا، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَادًا، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا اقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ، وَعَمَّرَ فَاعْتَبَرَ، وَتَأَهَّبَ لِلْمَعَادِ، وَاسْتَظْهَرَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ رَحِيلِهِ، وَوَجْهِ سَبِيلِهِ، وَحَالِ حَاجَتِهِ وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ، فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ عَضَارَةِ الشَّبَابِ إِلا حَوَانِيَ الْهَرَمِ، وَأَهْلُ نَضَاضَةِ الصِّحَّةِ إِلا نَوَازِلَ السَّقَمِ.
وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّكُمْ فِي مَمَرٍّ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رِبْحَهُ، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ مَدَامَةً.
وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لا تَسْكُنُونَ، وَتَجْمَعُونَ مَا لا تَأْكُلُونَ، وَتَأْمَلُونَ مَا لا تُدْرِكُونَ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَنَوْا شَدِيدًا، وَجَمَعُوا كَثِيرًا، وَأَمِلُوا بَعِيدًا، فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا، وَجَمْعُهُمْ بُورًا، وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا، كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، وَبِالدَّهْرِ مُفَرِّقًا، الْيَوْمَ فِي الدُّورِ، وَغَدًا فِي الْقُبُورِ
أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَلافِ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ الْحَمَامِيُّ، أَنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّوَّافِ، أَنْبَأنَا بَشِيرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنُ عِنَبَةَ، قَالَ: كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ.
فَإِنَّهُ قَدْ أُحِيطَ بِكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَارُ بِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute