للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَيْلَةٍ، فَاحْذَرِ اللَّهَ وَالْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِكَ بِهِ، وَالسَّلامُ.

وَكَتَبَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ. . فَإِنَّ الدُّنْيَا حُلْمٌ، وَالآخِرَةُ يَقَظَةٌ، وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ، وَنَحْنُ فِي أَضْغَاثٍ، وَالسَّلامُ.

وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

أَعَيْنَيَّ هَلا تَبْكِيَانِ عَلَى عُمُرِي ... تَنَاثَرَ عُمُرِي مِنْ يَدَيَّ وَلا أَدْرِي

إِذَا كُنْتُ قَدْ جَاوَزْتُ خَمْسِينَ حِجَّةً ... وَلَمْ أَتَأَهَّبْ لِلْمَعَادِ فَمَا عُذْرِي

وَأَنْشَدَ آخَرُ:

تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ رَاحِلُ ... وَبَادِرْ فَإِنَّ الْمَوْتَ لا شَكَّ نَازِلُ

وَإِنَّ امْرَءًا قَدْ عَاشَ خَمْسِينَ حِجَّةً ... وَلَمْ يَتَزَوَّدْ لِلْمَعَادِ لَجَاهِلُ

وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ:

أَحَدٌ وَستِوُّنَ لَوْ مَرَّتْ عَلَى حَجَرٍ ... لَكَانَ مِنْ حُكْمِهَا أَنْ يَخْلَقَ الْحَجَرُ

تُؤَمِّلُ النَّفْسُ آمَالا لِتَبْلُغَهَا ... كَأَنَّهَا لا تَرَى مَا يَصْنَعُ الْقَدَرُ

وَأَنْشَدُوا:

رُوَيْدَكَ يَا ذَا الْقَصْرِ فِي شُرُفَاتِهِ ... فَإِنَّكَ عَنْهُ تُسْتَحَثُّ وَتُزْعَجُ

وَلا بُدَّ مِنْ بَيْتِ انْقِطَاعٍ وَوَحْشَةٍ ... وَإِنْ غَرَّكَ الْبَيْتُ الأَنِيقُ الْمُدْبَجُ

وَقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِهِ: اعْهَدْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أُحَذِّرُكُمْ مَصْرَعِي هَذَا فَإِنَّهُ لا بُدَّ لَكُمْ مِنْهُ، وَإِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي قَبْرِي فَانْزَعُوا عَنِّي لِينَهُ، وَانْظُرُوا مَا لَحِقَنِي مِنْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ.

وَوَعَظَ رَجُلٌ بَعْضَ الْمُلُوكِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَنْ لَوْ لَمْ تُخْلَقْ إِلا أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُ الْمَوْتِ مِنْ بَابِ بَيْتِكَ.

<<  <   >  >>