يَهْتِفُ بِي: يَا بَنَّانُ حَبِيبُكَ مَعَكَ؟ نَقَضْتَ الْعَهْدَ، لَمَ تَسْتَوْحِشُ، أَلَيْسَ حَبِيبُكَ مَعَكَ؟ "
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْقَرِمِيسِينِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ، أَنْبَأَنَا الْخُلَدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ إِذْ رَأَيْتُ رَجُلا مَغْرِبِيِّا عَلَى بَغْلٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُنَادٍ يُنَادِي: مَنْ أَصَابَ هِمْيَانًا وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ؟ فَإِذَا إِنْسَانٌ عَلَيْهِ أَطْمَارٌ رَثَّةٌ يَقُولُ لِلمَغْرِبِيِّ: أَيْشِ عَلامَةُ الْهِمْيَانِ؟ فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا، وَفِيهِ بَضَائِعُ قَوْمٍ، وَأَنَا أُعْطِي مِنْ مَالِي أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ الْفَقِيرُ: مَنْ يَقْرَأُ الْكِتَابَةَ؟ قُلْتُ: أَنَا.
قَالَ: اعْدِلُوا بِنَا نَاحِيةً، فَعَدَلْنَا، فَأَخْرَجَ الْهِمْيَانَ، فَجَعَلَ الْمَغْرِبِيُّ يَقُولُ: جُبَّتَانِ لِفُلانَةٍ بِنْتِ فُلانٍ بِخَمْسِ مِائَةِ دِينَارٍ، وَجُبَّةٌ لِفُلانٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَجَعَلَ يَعُدُّ فَإِذَا هُوَ كَمَا قَالَ.
فَحَلَّ الْمَغْرِبِيُّ هِمْيَانَهُ، فَقَالَ: خُذْ أَلْفَ دِينَارٍ الَّتِي وَعَدْتُ عَلَى وِجَادَةِ الْهِمْيَانِ.
فَقَالَ الْفَقِيرُ: لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْهِمْيَانِ عِنْدِي بَعْرَتَيْنِ مَا كُنْتَ تَرَاهُ، فَكَيْفَ آخُذُ مِنْكَ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى مَا هَذَا قِيمَتُهُ؟ وَمَضَى وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا ".
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ: لَمَّا خَرَجَ الرَّشِيدُ إِلَى مَكَّةَ فُرِشَ لَهُ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الْحِجَازِ اللُّبُودَ وَالْمَرْغَرَا، وَكَانَ حَلَفَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًّا رَاجِلا، فَاسْتَنَدَ يَوْمًا وَقَدْ تَعِبَ إِلَى مِيلٍ، فَإِذَا بِسَعْدُونَ الْمَجْنُونُ قَدْ عَارَضَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
هَبِ الدُّنْيَا تُوَاتِيكَ ... أَلَيْسَ الْمُوتُ يَأْتِيكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute