العادة في أغلب المساجد زيادة التنويرات في رمضان وليلة النصف من شعبان وليلة أول جمعة من رجب ويومي العيد. وقد قدمنا الكلام على الأول وبقي الكلام على إبقاء القناديل متقدة إلى الضحوة في العيدين عيد الفطر والأضحى والأغرب أنهم يوقدون الزائد على المعتاد بعد الفجر أعني في الوقت الذي ما بقيت الحاجة فيه إلى المصابيح الأصلية. فيأخذ شعال المسجد في إيقادها من ذلك الوقت ثم تطلع الشمس وترتفع وهي متقدة وقد استغني عنها. والغالب أنهم يطفئونها بعد انصراف القوم وفي مثل الجامع الأموي والسنانية يطفئون مصابيح زيت الكاز، وأما قناديل الزيت البلدي فيبقونها حتى تنطفئ بأنفسها ولو بعد العصر زعمًا بأن إطفاءها لا فائدة فيه إذ لم يبق فيها زيت يمكن توفيره والشعال يريد بعد هذا الموسم أن يغسل القناديل ويخبئها لمثل هذا الموسم فيتركها حتى تنطفئ. هذا ما يوجد في الجامعين المذكورين.
ومعلوم أن إبقاءها متقدة -ولا حاجة إليها- فيه سرف لإضاعة المال بلا فائدة، وإعدادها ولا حاجة إليها إعداد محظور. وقد أسلفنا حظر زيادة التنوير على قدر الحاجة.
نعم قد كان بعض أساتذتي ممن له سيطرة ونفوذ على جامعه بدمشق يأمر الشعال بإطفاء القناديل متى استغني عنها بالأسفار الزائدة أو بطلوع الشمس في أيام الغيم وكنت أستحسنه جدًّا لما فيه من إنكار منكر وتغييره بالفعل. ومن لنا ببقية المساجد أن تحذو حذو هذا الفعل الحسن.
وقد أعجبني في بيروت سنة "١٣٢٣" في عيد الفطر في رحلتي الرابعة إليها في جامعها الكبير أن أطفئت القناديل منه عند طلوع الشمس وهكذا ينبغي أن يكون العمل. وفقنا المولى لاستعمال عقولنا فيما يرضيه عنا.