اتفق الفقهاء على أنه يستحب أن لا يقيم إلا المؤذن. والسر في ذلك أن الإقامة من تتمة الأذان وهي حق للمؤذن وقد يتألم بالافتئات عليه وفي إقامة غيره افتئات عليه. وأعظم حكمة في ذلك هو انتظار الجمع حتى يكمل، وإلا فلو أقام غير المؤذن قبل نزوله من المنارة لفات كثيرًا من الملازمين للمسجد الركعة الأولى أو ما بعدها مع الجماعة. على أن في إقامة الغير محبة العجلة. وقد اعتاد كثير من الجوامع في المغرب والعشاء أنه بمجرد آذان الجمع في المنارة يؤذن واحد من الحاضرين أمام المحراب ويقيم كما قدمنا. وفي الجوامع التي لها مؤذن واحد قد لا ينتظر المؤذن بل يقيم غيره. والأحسن والأكمل الذي هو السنة أن ينتظر نزول المؤذن فيقيم هو أو واحد من المؤذنين جمعًا ففيه تأن وتمهل وانتظار للقادم من دكان أو منزل ومحاكاة للسنة النبوية فقد قال عليه الصلاة والسلام:"يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا حتى يقضي المتوضئ وضوءه على مهل". على أن المصلين في الصيف في صحون المساجد التي يؤذن لها جمع تتشوش عليهم الصلاة بأصوات المؤذنين ولا يسمع أكثرهم قراءة الإمام وقد يشرع في الركعة الثانية وهم في المنارة أفليس الأصوب انتظار فراغ أذانهم ونزولهم ثم إقامة الصلاة والمقدار يسير لو قاسه المحبون للعجلة بالساعات التي يميتونها سدى في آناء الليل وأطراف النهار ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد امتن الله تعالى علينا في هذا العام عام ١٣٢٤ في جامع السنانية حيث سهل رفع أذان الواحد في المغرب والعشاء أمام المحراب ورجع فيه إلى فراغ المؤذنين من المنارة وبعده يشرع في إقامة الصلاة على هدوء ووفرة جمع. أسأله تعالى أن يسهل رفع ما شاكلها من البدع فإنه المستعان.