يوجد في كثير من الجوامع الكبيرة أناس يفتاتون على الإمام الراتب أي يتقدمون بالصلاة جماعة عليه قبل أن تقام له فيختزلون من الجامع ناحية يؤمون بها أناسا على شاكلتهم رغبة في العجلة أو حبًّا في الانفراد للشهرة. وقد اتفقت الحنابلة والمالكية على تحريم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب. قالت الحنابلة إلا بإذنه وإلا فلا تصح صلاته كما في الإقناع وشرحه. وقالت المالكية: كره إقامتها قبل الراتب وحرم معه ووجب الخروج عند إقامتها للراتب كما في أقرب المسالك، وكره ذلك الشافعية وافتى ابن حجر بمنعه بتاتا. وصرح الإمام الماوردي من الشافعية بتحريم ذلك في مسجد له راتب وكره ذلك الحنفية. ولا يخفى أن ما ينشأ عن هذا الإفتئات من المفاسد يقضي بتحريمه لأنه يؤدي إلى التباغض والتشاجر وتفريق كلمة المسلمين والتشيع والتحزب في العبادة، ولمخالفة أمر السلطان أو نائبة لأنه أذن للراتب فقط. ولاتباع الهوى ومضادة حكمة مشروعية الجماعة من الاتحاد للتآلف والتعارف والتعاون على البر والتقوى فإن في تقسيمها تناكر النفوس وتبديل الأنس وحشة، إلى مفاسد أخرى تنتهي إلى قريب الأربعين مفسدة. وقد جمعت في حظر ذلك رسالة سميتها "إقامة الحجة على المصلي جماعة قبل الإمام الراتب، من الكتاب والسنة وأقوال سائر أئمة المذاهب" فليحذر من هذه البدعة الشنيعة. هدى الله المفتاتين للإقلاع عنها.