من المقرر في الفروع أن الخطيب إذا ارتقى المنبر فلا تبتدأ صلاة ولا يجهر بدعاء، وذلك تأهبًا لسماع الخطبة، وإجلالًا للمقام، وتخشعًا لهذه العبادة الأسبوعية، وهذا معلوم من موضوع الاحتفال لأداء فريضة الجمعة، وقد اتفق الفقهاء على الحظر من الجهر بالذكر أو الاستغفار أو الدعاء أو النداء في تلك الحالة اتفاقًا لا خلاف فيه استدلالا بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" ١. فأثبت له اللغو بذلك مع أنه ينهى عن منكر فكيف بمن لا يكون قوله كذلك، لا جرم أنه أشد منه لغوًا وإثمًا. إذا تحقق ذلك تبين أن ما يقوله بعض المؤذنين يوم الجمعة بين يدي الخطيب إذا جلس من الخطبة الأولى: غفر الله لك ولوالديك ولنا ولوالدينا والحاضرين إلخ منكر يلزم إنكاره لأنه ذكر غير مشروع في وقت هو وقت الصمت أو التفكر القلبي للاتعاظ، فتفريق جمعية قلوب الحاضرين برفع الصوت بذلك والجراءة على الجهر به في هذا الموضوع الرهيب لا يختلف فقيه في نكارته فلذلك يلزم الخطيب ومن قدر على إزالته أن ينهى عنه أسوة كل منكرة والله أعلم.
١ حديث صحيح، أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في الإرواء رقم ٦١٢ وصحيح أبي داود "١٠١٨".