يدرس كثير من العلماء للطلبة في المساجد. وهؤلاء المدرسون ندر من يكون منهم غير متعصب أو لا يوجد، ولذلك لا تخلو المساجد العامة التي يكثر مدرسوها من ثورات علمية تتناقلها الأفواه وما منشؤها إلا التعصب وهاك بيان ذلك:
ترى مدرس الفقه غير الحكيم يقرأ الفروع قراءة مشوبة بهضم المخالف لمذهبه وعدم رؤياه بشيء وعدم الاعتداد بمذهبه كليًّا إلا ظاهرًا فلا ينصرف تلامذته من درسه إلا وهم ممتلئون قوة بها يدافعون من خالفهم في تلك الفروع وقد يرون بطلان ما عليه غيرهم كما يعلمونه في كراهة الاقتداء بالمخالف مما يتبرأ منه هدي السلف والأئمة المتبوعين عليهم الرحمة والرضوان وكما يحاولون ويحاورون في تقوية دليل ضعيف في مقابلة قوي كمرسل في مقابلة مسند وإيثار ما رواه غير الشيخين على ما روياه مما يتبرأ منه الإنصاف الذي يطرح لديه كل اعتساف، فالواجب في تعليم الفقه لمن لم يكن له قوة النظر في الدليل أن يلقن تلك الفروع لتلامذته ويغرس في قلوبهم أولًا حب الأئمة وكل المجتهدين سواء المدونة فروعهم أو غيرهم، ثم يبين أن ما يدرسه الآن هو فروع مذهب الإمام الفلاني وأنه آثر قراءته لأنه على مذهبه نشأ مع اعتقاد