للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت يا رسول الله إن منا قومًا يأتون الكهان قال: "فلا تأتوهم" قلت: منا قوم يتطيرون قال: "وذاك شيء يجده أحدكم من نفسه فلا يصدنكم" فإذا كان قد نهي عن أن تصده الطير عما عزم عليه فكيف بالأيام والليالي ولكن يستحب السفر يوم الخميس ويوم السبت ويوم الاثنين من غير نهي عن سائر الأيام إلا يوم الجمعة إذا كانت الجمعة تفوته بالسفر ففيه نزاع بين العلماء١. وأما الصناعات والجماع فلا يكره في شيء من الأيام والله أعلم.

ورأيت لابن حجر الهيتمي عليه الرحمة في فتاويه جملة لطيفة قال: رسخ في أذهان العامة أن أيامًا مشئومة على المريض إذا عيد فيها فينبغي لمن علم منه اعتقاد ذلك أن لا يعاد في تلك الأيام لأن ذلك يؤذي المريض ويزيد في مرضه لما ركز في عقولهم السخيفة من التشاؤم والطيرة فيحصل بذلك ضرر كبير وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" ٢ وقد تترك السنة لعوارض قوية.

فإن قلت ينبغي للعالم أن يفعل ذلك إظهارًا للسنة وإعلانًا للناس بها ليتركوا ما في أذهانهم. قلت: هذا أوضح أن لم يغلب عليهم الجهل والتشاؤم ويرسخ ذلك في أذهانهم حتى يعادوا بسببه العالم ويستسخروا به ويحصل له منهم أذى شديد. أما إذا ترتب عليه ذلك فتركه أولى لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح. ا. هـ.

وقد بلغني عن بعض مشايخ أشياخنا أنه أمر يوم الأربعاء أهله أن يفتحوا باب داره لعيادته وأن تدعى المارة لذلك رغبة منه رحمه الله في إماته هذه البدعة.


١ قلت: والراجح الجواز لمن كان لا يقصد التفويت، وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر"، ولم يصح في النهي عنه شيء انظر "الضعيفة" "٢١٨ و٢١٩". "ناصر الدين".
٢ حديث صحيح بمجموع طرقه كما حققته في "الإرواء" "٨٨٨".

<<  <   >  >>