للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخير؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه} الآية، وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خصصت بفضل لم يخص به رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى من "الباعث لأبي شامة".

٤- انقسام البدعة إلى حسنة وسيئة:

تنقسم المحدثات إلى بدع مستحسنة وإلى بدع مستقبحة. قال حرملة: سمعت "الشافعي" يقول: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود. وما خالف السنة فهو مذموم" واحتج بقول عمر رضي الله عنه في التراويح: "نعمت البدعة"١. يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى٢، وإنما كان كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على قيام شهر رمضان، وفعله صلى الله عليه وسلم في المسجد، واقتدى به بعض


١ قلت: هذا الكلام ليس دقيقًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى التروايح جماعة كما يأتي من المؤلف، بل وحض عليها بقوله: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" أخرجه أصحاب السنن وغيرهم بسند صحيح، وقد خرجته في رسالتي "صلاة التراويح" "ص١٧"، فكيف توصف صلاة التراويح جماعة بأنها محدثة لم تكن! فاللهم غفرا، والحق أن عمر رضي الله عنه لم يعن بقوله: "نعمت البدعة هذه" البدعة الشرعية فإنها كلها ضلالة. وإنما أراد البدعة اللغوية، وهو الأمر الجديد الذي لم يكن، ولا شك أن الجماعة في صلاة التراويح وراء إمام واحد، لم يكن معروفًا في عهد عمر ولا في عهد أبي بكر رضي الله عنهما، فبهذا الاعتبار سماه بدعة، ووصفها بالحسن لقيام الدليل الشرعي على حسنها، هذه كلمة عاجلة، والمسألة تتطلب الإفاضة، والمجال ضيق، فمن شاء البسط فليراجع رسالتنا الآنفة للذكر، أو "الاعتصام" للإمام الشاطبي "ناصر الدين".
٢ أخرجه البخاري في حديث إحياء عمر رضي الله عنه لسنة التجميع في صلاة التراويح. وقد سقته مخرجًا في رسالتي "صلاة التروايح" "٤٧، ٤٨".

<<  <   >  >>