للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك فلا نرى الحظر من إطلاق ذلك عليه -كما يراه بعض الظاهرين. وحكي عن مالك كما في بدائع الفوائد كيف وهو صلى الله عليه وسلم قال عن الحسن: "إن ابني هذا سيد" ١ وقال للأنصار لما أقبل سعد بن معاذ: "قوموا لسيدكم"٢ فهو سيد السادة وخير البشر صلوات الله عليه، وأما البحث في الألفاظ المشروعة فلا أعلم أن أحدًا قال باستحبابه. وتذكرت أن للحافظ "ابن حجر" فتوى في زيادة "سيدنا" في الصلاة الإبراهيمية استفتي عن استحبابها فيها فكان رأيه بعد كلام أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة ويجوز أن يزاد في غيرها وقد سقتها في شرحي على الأربعين العجلونية فارجع إليه٣، وبالجملة فالاتباع خير من الابتداع. والأعجب أن بعض المتفقهة يقول إن في ذلك تعظيمًا له صلى الله عليه وسلم فالأحسن ذكره فلو قلنا له هل أنت معظم له أكثر أم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وأبو محذورة وابن أم مكتوم وأضرابهم فبالضرورة يقول هم فنقول له هؤلاء خلفاؤه الراشدون والبقية مؤذنوه، وقد روى صيغة أذانهم من لا يحصى من حفاظ السنة فأوجدنا عن أحد لفظ سيدنا فإن لم توجد ولن توجد فلا جرم أنك لم تفهم معنى تعظيمه صلى الله عليه وسلم وأن تعظيمه إنما هو باتباع ما سنه وطلبه بلا زيادة ولا نقصان لا بالتطرف والانحراف عن سنته وإحداث ألقاب كان نهى عنها لكون الأعاجم كانوا يرغبون فيها ويؤلهون بها رؤساءهم فنعوذ بالله من الجهل بالهدي النبوي ومن عدم التفقه بالدين.


١ صحيح، أخرجه البخاري وغيره، وقد خرجته في "الإرواء" "١٥٩٦".
٢ هكذا أشتهر الحديث على ألسنة المتأخرين واستدلوا به على القيام للداخل ولا أصل لذلك والمحفوظ في الحديث إنما هو بلفظ: "إلى سيدكم" كما أخرجه البخاري وغيره، فراجع "الأحاديث الصحيحة" "٦٧".
٣ قلت: وراجعها إن شئت مع بسط الكلام على المسألة في "كتابي" صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "ص١٥٨-١٦٢" طبعة المكتب الإسلامي الرابعة "ناصر الدين".

<<  <   >  >>