ولم تحفر ساقية إلى زرعك لم يصل الماء إليه، يا نائمًا في سفينة الأمن لا تنظر إلى سكونك فإنما يسار بك وأنت لا تشعر. عباد الله اشكروا نعمته على ما يسر لكم من صيام رمضان، وأعطاكم من نعمة الإيمان، فقد أمركم بذلك من بنوره يهتدي المهتدون، فقال تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ودعوا شهر رمضان بكثرثة الاستغفار من التقصير، والعزم على دوام الجد والتشمير، فلقد كان للمتقين روضة وأنسًا، وللغافلين قيدًا وحبسًا. كان نزهة للأبرار، وقيدًا للاشرار، فطوبى لمن حل فيه عقدة الإصرار، وحل في روضة التقوى في منزل الافتقار.
أي شهر قد تولى ... يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه ... بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر ... مر بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنا ... قد قبلنا أو طردنا
ليت شعري من هو ... المحروم والمطرود منا
ومن المقبول ممن ... صام منا فيهنا
كان هذا الشهر نورًا ... بيننا يزهر حسنا
فأجعل اللهم عقبا ... هـ نورًا وحسنا
عليكم بالاجتهاد في باقيه، وتلافوا تفريطكم ما أمكن تلافيه. فكم متأهب ليوم فطره، يصبح يوم العيد في قبره. قد فارق الإخوان، وعدم الخلان. وكم بين من يرعى رمضان، كأنه حبيب زار بعد طول بعاد، وطيف خيال ألم في طيب سهاد. هجر فيه المنكرات، ولزم الوقوف على قدم الصالحات. وآخر يرى رمضان موسمًا لنيل الشهوات، ويعد أيامه استعجالًا لأوقات البطالات. وآخر قد فرط في الإنابة والتوبة، وقصر عن الإجابة والأوبة. فازداد برمضان وزرًا على وزره، واكتسب بأيامه خسرًا على خسره، ولم يتزود منه ليوم حشره.