احتيال الأغنياء بدلالة بعض الفقهاء على إيهاب الصرة المليئة ثم استردادها فيه تحيل على إسقاط حق للفقراء كبير وتلاعب بأصل المسألة وقياسها وجلي أن كل حيلة أدت إلى إسقاط واجب فلا تخلص فاعلها عند الله تعالى كما بينه الفقهاء وبسطه الإمام ابن القيم في إغاثة اللفهان. ثم قلت: ومع ما هي عليه الآن من التحيل والحيف على الفقير فإني لا أكرهها ولا أقبحها خيفة أن يسد على الفقراء نوع من الصدقة وحاجتهم تضطرهم إلى تقبل الصدقة بأي سبب كان مشروعًا أو غيره ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم الملام على الأغنياء من استئثارهم بالأموال الطائلة كأنها خلقت لهم خاصة ولم يوجب الله عليهم فيها حقوقًا وعلى الفقهاء الذين يعلمون الأغنياء تلك الحيل لإسقاط ما وجب عليهم بزعمهم وعلى قادة الأمة وسادتها الذين لا يفتكرون فيما يخفف بؤس هؤلاء وفاقتهم فإذا عملوا جميعًا على الإصلاح وعم العلم وانتشر في كل الطبقات فلا تلبث تلك البدع أو الأمور التي في النفس منها حزازات أن تنقشع غيومها عن البصائر فإن الجهل لا يثبت امام العلم والحق يدفع الباطل:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} .