للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يذكر. نعم لا ننكر أن الأمراء والموظفين قد يشغلون عن الحضور في أوقات الجماعات بما لديهم أداء الوظائف١ ولكن القصد أن يدعموا رابطة الاحتفال بهذه العبادة ولو في بعض أيام الأسبوع أو في الأوقات التي يفرغون بها من أشغالهم كالعشاء. أما الصبح فهذا من المأيوس حضور الأكابر فيها بأجمعهم وكذا حضور أغلب وأكثر المتوسطين إذ لا يقام شعارها إلا في الشتاء لطول الليل وتألم الجنب من الاضطجاع. والغالب في مقيمها البؤساء جدًّا. نعم قد يحضرها بعض الموفقين من التجار، وهم لا يتجاوزون عدد الأنامل. ووصول الحال إلى هذا الإهمال يرثى له، فإن حق الشعائر الدينية أن تقوم بها الأمة على طبقاتها سيما وشكر المنعم جل شأنه على الأكابر وجوبه مضاعف لما غمرهم به سبحانه من فضله وزرقه وإحسانه وأمدهم به من جميل أفضاله. ومعلوم أن إيتاء هذه النعم ابتلاء منه تعالى واختبار لمقدار قيامهم بالشكر كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} وقال تعالى: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَه} فالأجدر بهؤلاء المترفين أن يكونوا في طليعة المتعبدين. حذرًا من أن يصدق عليهم الطغيان بالغنى فيكونوا ممن نزل فيهم {كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} والعاقل يحذر العواقب ويخشى مولاه حذرًا من ضياع عقباه ويكون ممن نزل فيهم: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} ولا يتوهم أنا نقول بوجوب الجماعة في سائر الصلوات وإن قاله به بعض الأئمة فإن الحرج مرفوع من هذه الأمة في العبادات والمعاملات٢. ولكن ما انتفت الأعذار فيلزم لأداء الصلوات في


١ قلت: وهل يمكن أن نعتبر ذلك عذرًا لهم، وهم يسمعون منادي الله ينادي: "حي على الصلاة ... حي على الفلاح" مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذر الأعمى، بل أوجب عليه أن يجيب الداعي ما دام أنه يسمع النداء؟! "ناصر الدين".
٢ قلت: الأدلة ترجح قول من أوجب الجماعة من الأئمة، وقد أشرت إلى بعضها آنفًا، ولا ينافي هذا أن الحرج مرفوع؛ لأن البحث هل الأصل الوجوب أم لا، فإذا اخترنا الوجوب وجب العمل به، إلا للحرج العارض، وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى. "ناصر الدين".

<<  <   >  >>