ولو استشير عالم حكيم لأشار بالنافع والصالح في توزيع هذا المال على السبيل ولكن لا يستشار ولو استشير فلا تقبل إشارته. قال لي مرة بعض جيراني أريد أن أوصي بسجادة إلى الجامع الفلاني والجامع غير محتاج إليها فقلت تفقد جامعًا فقيرًا من جوامع أطراف البلدة فقال لي:"تلك الجوامع قليل مصلوها وأريد جامعًا إذا بسطت فيه كثر عليها المصلون فيعظم الثواب" تأمل هذا الفقه وهذا الاستنباط.
وقد علمت من أحوالهم أنهم لا يبتغون وجه الله وإنما يقصدون الرياء والسمعة لأن الجوامع الكبيرة كثير طارقوها فإذا هلك وحضرت سجادته سيما في وقت اجتماع الناس وتحلقوا عليها وتساءلوا عن القادمين بها وقيل هذه سجادة من وصية فلان فهناك اللذة الكبرى على زعمه والشهرة العظمى، لذة الرياء والشهرة يحرص عليها ولو جيف وصارت عظامه نخرة. فإنا لله، ألهمنا المولى رشدنا ووفقنا لتعلم العلم والفقه في الدين.
٢١- غرس الأشجار في المساجد:
جاء في حواشي الدر أن العلامة ابن أمير حاج الحنفي ألف رسالة رد فيها على من جوز غرس الشجر في المسجد قال لأن فيه شغل ما أعد للصلاة ونحوها، وإن كان المسجد واسعًا أو كان في الغرس نفع بثمرته، والإلزم إيجار قطعة منه ولا يجوز إبقاؤه أيضًا لقوله عليه الصلاة والسلام:"ليس لعرق ظالم حق" ١ لأن الظلم وضع الشيء في غير محله وهذا كذلك. ا. هـ. ووافقه على ذلك المحقق ابن أبي شريف الشافعي وفي الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة: يحرم غرس شجر في مسجد لأن منفعته مستحقة للصلاة فتعطيلها عدوان فإن فعل قلعت الشجرة فإن لم تقلع فثمرها لمساكين المسجد وغيرهم. ا. هـ.