ميتهم من إحياء ليال ثلاث بقراءة القرآن إلى مطلع الفجر مما يضر بالقراء وأهل الميت والأصدقاء إذ القراء لا بد أن يسأموا ويملوا ويذهب روح عملهم بذهاب نشاطهم، ولا يخلو أحد منهم من عاجز ومن يصعب عليه إحياء الليل بتمامه وطول هذا السهر فيكون جلب المضرة له لا يكفي بما يُعطى من الأجرة التي يبلغ بها قوته الضروري، وكذا يشق على أهل الميت انتظار فراغ القراء إلى أن يقدموا لهم الطعام آخر الليل وطبخه فيه، وكذا الأصدقاء والأقارب فقد يخجل أحدهم من الذهاب ويضطر إلى المكث ويتحمل من الآلام ما لا تطاق؛ وليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا السلف فإن لم يمكن استئصال هذه البدعة بتمامها فلا أقل من التخفيف فيها.
وكذا يقال فيما اعتاده أغنياء الشام من إحياء ليلة دفن ميتهم بالقراء في المقبرة إلى الفجر وقد تكون الليالي شاتية والرياح عاصفة فيضطرون للخروج من هذا الفرض إلى إخراج مواقد نار وأدوات شاي وقهوة وسد أطراف الخباء المنصوب على القبر ويقاسي هؤلاء القراء من العناء ما الله به عليهم. أفهكذا تكون الصدقات والقربات وأعمال الخير. من أين جاءهم هذا؟ جاءهم من الجهل الكبير وعدم الرجوع إلى رأي عالم نحرير وفقدان التفقه في الدين. ترى أموالا طائلة تذهب من الأغنياء في مآتمهم بمثل هذا الحال وترى لهم من البخل في مواقع الإنفاق التي يرضاها الله ورسوله ما لا يوصف. فإنا لله. فلينتبه العقلاء وليراجعوا أنفسهم ليتوبوا إلى الله وليقلعوا عما أوقعهم في خسران الدنيا والآخرة.
٢٣- تفريق أجزاء القرآن والقارئ يقرأ:
كانت العادة في دمشق أن يعزّى أهل الميت في مسجد محلته الكبير ثلاثة أيام صباحًا يتوافد عليه من يعزيهم من بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع ولذلك يسمى الاجتماع المذكور "صباحية". وكان يحصل من ذلك حجب