والتميز به عن الناس مذموم فإنه إن لم يكن رياء فهو تشبه بأهل الرياء إذ كثير ممن يصنع هذا يظهر منه رياء ولو كان الرياء بأمر مشروع لكانت أحدى المصيبتين لكنه رياء ليس مشروعًا وقد قال تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} قال الفضيل بن عياض رضي الله عنه: "أخلصه وأصوبه""والفتوى طويلة مهمة فلتراجع".
٢٧- تغير ماء البحيرات أيام انقطاع الماء:
العادة في دمشق في أواخر الشتاء أن تقطع مياه أنهارها أسبوعًا أو أكثر وذلك لزعم أرباب الفلاحة أن المياه في شباط تضر المزروعات فيقطع ورودها على الحقول وتترك على نهر بردى وكثير من هذه الأنهار تسقى دورًا ومساجد وحمامات بد من تصل إليها فإذا سكر النهر من مبدئه انقطعت المياه عن المساجد فقد يبقى في بحراتها الكبيرة ماء فيتركه خدمة المسجد بزعم الحاجة إليه لوضوء المصلين فلا يلبث هذا الماء أن يظهر التغير فيه ما دام موجودًا وذلك لأن أغلب الجوامع الشهيرة يردها من المصلين من لا يحصى وكلهم يرجعون غسالة أيديهم وأرجلهم وأفواههم إلى ماء البحرة فلا تسل عن حالة الماء في قذارته وكراهة الأنفس السليمة له كراهة لا توصف، ومعلوم أن مثل هذا مما لم يأمر الشرع به فإن الماء لم يوصف بالطهور الذي هو صيغة مبالغة في الطهارة التي هي النظافة المضاعفة إلا لنستعمله كذلك فإذا فقدت الطهارة المذكورة فأنى تكلف الأنفس خلاف فطرتها. ومعلوم أن كثيرًا من الائمة ذهب إلى أن الماء المتغير لونه بصبغ يسلب طهوريته فكيف المتغير بأوساخ الأرجل والأيدي والأفواه التي تعاف النفس رؤيته كذلك فضلًا عن إعادته للفم بمضمضته أو غسل الوجه به وهو غسالة الأقدام.
ودعوى فقيه أنه لم يتغير لونه دعوى من لم يفهم سر التشريع فإن مثل هذا