حالة المساجد عندنا تستذرف العبرات، وتثير الزفرات، وتلهب جذوة الحسرات، من سائر الطبقات. مع أنها مراشد المرشدين، ومعابد المتعبدين ومعاهد التذكير للمتقين، ومعالم الدين للمكلفين، وجوابع بني الإنسان من المسلمين؛ على اختلاف الأزياء، بحسب الفقر والإثراء. وإذا صح أن يقال إن حياة الأمم حياة لغاتها أفلا يكون أصح منه أن يقال إن حياة دين الفطرة حياة مساجد.
بالزنكلون مساجد شادها رجال كانوا إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا بالغة حد الاتقان ونهاية الإبداع في أيامهم تلك الأيام الخالية التي كانت فيها الكماليات لا تقوم الآن بأدنى الحاجيات.
وقد بلغت أرذل العمر وكادت تخر سقفها على الساجدين بها وأوشكت جدرانها أن تتصدع وتتقوض فضلًا عن كونها مأوى للحشرات فاسدة الهواء لا تصلح مرابط للأنيق في حين أن مصلحة الصحة العمومية تطارد أمثالها بالهدم -زيادة على ما هي عليه- دفعًا للمضرات وفي حين أن ريع وقفها الذي لا يقل عن الثلاثين فدانًا يكفي لتشييدها على القانون الهندسي العصري فلسان "الجريدة الغراء" التي لا يشوبها في خدمة الحق والإنسانية أدنى شائبة تستلفت أنظار سعادة الهمام الفاضل مدير الأوقاف الجديد إليها ونسأله رحمة بنا فقد ضاق الخناق وعيل الصبر وها نحن ننتظر بفارغ الصبر لمساجدنا بناء ولسعادة المدير شكرًا وثناء.
٣٥- فضول بعض العامة وخوضها فيما لا تحيط به علمًا:
"في إصلاح قبلة بعض الجوامع"
خوض العامي فيما لا يحيط به علما ولا تبلغه مداركه قد يجر على البلاد الويلات ويكون مدعاة لتضاؤل العلم والعلماء واتخاذهم التقية شعارًا في أغلب