الأمة أمر دينها" ١. ولعل الانحلال الشنيع الذي منينا به في ديننا وسجايانا وقوميتنا وسائر مقومات حياتنا هذه والحياة الخالدة هو الذي دعا إلى ظهور عدد غير قليل من المصلحين في أكثر الأقطار الإسلامية والعربية لعهدنا هذا، فصاحوا في الأمة صيحتهم يدعونها للرجوع بالإسلام إلى ما كان عليه في الصدر الأول من حالته الفطرية التي تشبه ماء الينابيع عذوبة وصفاء، كما دعوها إلى التسلح بمعارف أوروبا وصناعاتها وأنظمتها ووسائل عمرانها؛ لأن ذلك من معدات القوة التي لا غنى لأمة عنها في معترك الحياة الحاضرة.
والسيد جمال الدين القاسمي رحمه الله مصباح من مصابيح الإصلاح الإسلامي التي ارتفعت فوق دياجير حياتنا الحاضر المظلمة -في الثلث الأول من القرن الهجري الرابع عشر- فنفع الله الناس بعلمه وعمله ما شاء أن ينفعهم، ثم انتقل إلى رحمة الله ورضوانه تاركًا من آثاره العلمية المطبوعة ما لا تكاد تخلو منه مكتبة قائل بالإصلاح في العالم الإسلامي. وها نحن نتقدم اليوم إلى أهل الفضل بكتاب من أجل كتبه شأنًا وأجزلها نفعًا وهو كتاب "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" ونظنه الكتاب الوحيد المعروف بالعربية في هذا الموضوع. وأملنا في الله وطيد أن ينفع به المسلمين من أهل هذا الجيل وفي كل جيل، والله الموفق
القاهرة: غرة رمضان ١٣٤١
محب الدين الخطيب
١ حديث صحيح، خرجته في سلسلة "الأحاديث الصحيحة" رقم "٦٠١".