ابن دقيق العيد وكان له فيه اعتقاد حسن وفاوضه في حديث الناس في منع الصلاة في المدرسة وذكر له أن السلطان قلاوون إنما أراد محاكاة نور الدين الشهيد والاقتداء به في عمل الخير فوقع البأس في القدح في قلاوون ولم يقدحوا في نور الدين. فقال له: إن نور الدين أسر بعض ملوك الفرنج وقصد قتله ففدى نفسه بتسليم خمس قلاع وخمسمائة ألف حتى أطلقه فمات في طريقه قبل وصوله إلى مملكته وعمر نور الدين بذلك المال مارستانه بدمشق من غير مستحث فمن أين يا علم الدين نجد مالا مثل هذا المال وسلطانًا مثل نور الدين غير أن السلطان له نيته وأرجو له هذا الخير بعمارة هذا الموضع، وأنت إن كان وقوفك في عمله بنية نفع الناس فلك الأجر وإن كان ليعلم أستاذك علو همتك فما حصلت على شيء فقال الشجاعي:"الله المطلع على النيات" وقرر ابن دقيق العيد في تدريس القبة. انتهى بحروفه.
أقول: صرح الحنابلة في فروعهم بعدم صحة الصلاة في المكان المغصوب. قال في "الإقناع وشرحه": إن تصرفات الغاصب الحكمية كالصلاة بثوب مغصوب وفي مكان مغصوب والوضوء من ماء مغصوب ونحوها تحرم ولا تصح لحديث "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" ١ أي مردود. ا. هـ.
٢٠- إيثار للمسجد الذي تقل فيه البدع:
قال الإمام ابن الحاج في "المدخل": ينبغي للمحافظ على إظهار معالم الشرع والنهوض إليها أن يبادر إلى الصلوات الخمس في المسجد في جماعة فإن لم يكن في المسجد شيء يتخوف منه -أعني من البدع- فلينظر أيهما أفضل له هل المقام في المسجد أو الرجوع إلى بيته بحسب الأعمال التي تنوبه في المسجد أو
١ مضي برقم "٤"، وفي الاستدلال به على ما ذكر نظر لا يخفى على اللبيب، ألست ترى أن الصلاة في ثوب حرير للرجل حرام، ومع ذلك فهي لا تبطل به!