قال: وهذا إنما حصل في الشام ومصر من مدة قريبة ولم يكن في القاهرة إلا خطبة واحدة حتى حصلت الثانية في زمن الملك الظاهر مع امتناع قاضي القضاة تاج الدين من إحداثها وأكثر ما في الشام من التعدد حادث.
ثم قال السبكي: إن دمشق -سلمها الله- من فتوح عمر إلى اليوم "وهو شهر رمضان سنة ٧٥٦" لم يكن في داخل سورها إلا جمعة واحدة. ا. هـ. وقد اقيمت في عهده رحمه الله خارج السور في ثلاث جوامع جامع خيلخان خارج الباب الشرقي وكان يخطب فيه شمس الدين ابن القيم والآن درس هذا الجامع ولم يبق منه إلا بابه ونافذتان مسدودتان وفي جامع يلبغا وجامع تنكز "المعروف الآن المكتب الإعدادي العسكري" وقد اعتبر محلاتها كقرى لأن كل واحد منفصل عن الآخر.
وقد اعتمد السبكي في عدة تآليف له بأنه إذا كان في مصر أو قرية جامع يسع أهلها ثم أريد إحداث جمعة ثانية في بعض المساجد أن ذلك لا يجوز.. في فتوى له مطولة.
وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر كيف يصنعون؟ قال: لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم. قال ابن جريج: وأنكر الناس أن يجمعوا إلا في المسجد الأكبر وكذلك قال ابن عمر: لا جمعة إلا في المسجد الأكبر. وتابع السبكي في ذلك الزركشي والعراقي وابن حجر العسقلاني وعليه قال العبادي: إذا استحال اتساع محل لهم هل تسقط عمن لم يجد له محلا ولم يمكنه ربط بمحل آخر. ا. هـ.
أقول: الأمر على ما قاله هؤلاء إذا كان الأكبر يسعهم. وإلا فالشأن كما قال عطاء دفعًا للحرج.
قال السبكي عليه الرحمة: لا يحمل كلام من جوز التعدد بحسب الحاجة على إجازة تعددها مطلقًا في كل المساجد فتصير كالصلوات الخمس حتى لا يبقى للجمعة خصوصية فإن هذا معلوم بطلانه بالضرورة لاستمرار عمل الناس