للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلاحظ هنا في هذا القسم أن الفساد والبطلان سواء١.

وأما الشرعيات فمذهب الشافعية كمذهبهم في جانب الحسيات، أي: إن النهي يقتضي فساد الشيء المنهي عنه.

أما الحنفية فلهم موقف آخر يفرقون فيه بين الباطل والفاسد، على الصور الآتية:

أولا: إذا دل الدليل على أن النهي عن العمل كان لفقد أحد الشروط أو الأركان، أي: إن النهي لأصل العمل المنهي عنه وذاته وحقيقته -لأن المشروع بأصله هو الذي استوفى الشروط والأركان- فإن النهي حينئذ يقتضي البطلان، بمعنى عدم ترتيب أي أثر للعمل المنهي عنه، وفي هذه الحالة يقال إن العمل المنهي عنه لم يشرع بأصله ولا بوصفه، ومثال ذلك: النهي عن الصلاة بدون وضوء، أو بدون تكبيرة الإحرام، والنهي عن بيع الملاقيح "أي: الأجنة في بطونها أمهاتها" لعدم وجود أحد أركان البيع وهو المبيع؛ لأن من الجائز أن يكون انتفاخا في بطب أنثى الحيوان، وبيع الحيوان أو ثوب غائب لم يبين البائع صفته، فهو في هذه الحالة فَقَدَ شرطا من شروط البيع، وبيع الخمر أو الخنزير.


١ العلماء متفقون على أن الفساد والبطلان في العبادات بمعنى واحد، وهو أن تكون العبادة قد وقعت مخالفة لأمر الشارع، سواء أكانت المخالفة بسبب ترك ركن من أركانها كترك الركوع أو السجود في الصلاة، أو بسبب ترك شرط من شروطها كالصلاة بدون وضوء أو بملابس غير طاهرة.
وإنما الخلاف بين العلماء في الفساد والبطلان في المعاملات كالبيع، والإجارة والرهن وغير ذلك، فجمهور العلماء يرون أن الفساد والبطلان بمعنى واحد في المعاملات كالعبادات سواء بسواء، والحنفية يفرقون بينهما في المعاملات، فالبطلان عندهم: مخالفة التصرف لأمر الشارع في ركن من أركانه أو أمر من الأمور الأساسية التي تقوم عليها هذه الأركان، ويرى الحنفية أنه لا يترتب على التصرف الباطل أي أثر من الآثار.
وأما الفساد عند الحنفية فهو موافقة التصرف لأمر الشارع في أركانه, والأمور الأساسية التي تقوم عليها تلك الأركان, وحصول خلل في شرط من الشروط الزائدة على ذلك كالبيع بثمن مجهول، أو المقترن بشرط فاسد، والزواج بدون شهود. أصول الفقه الإسلامي، للأستاذ زكي الدين شعبان ص٢٥٨.

<<  <   >  >>