للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاطفة، وللعوامل الطبيعية التي تعتريها بتوالى الأشهر والسنين من حيض وولادة وإرضاع، وكل هذا يؤثر في انتظام قيامها بالقضاء وفي إصابة الحق.

فإذا طبقت القاعدة المذكورة عند الحنفية فإنه لو ولى الحاكم أو من ينوب عنه المرأة القضاء، فإنه يكون آثمًا؛ لأنه عَمِلَ ما لا يجوز، لكن قضاءها يكون صحيحا نافذًا في كل ما تصح شهادتها فيه، وهو ما عدا الحدود والقصاص إذ كان موافقا للحق، وعلى هذا فإنه لا يلزم من صحة قضائها ونفاذه جواز تقليدها وتوليتها هذا المنصب١.

هذا ما يراه بعض الباحثين، ونرى أن هذا غير مسلم؛ لأنه أولا: إذا تصورناه في عبارة المرغيناني وهي: "ويجوز قضاء المرأة في كل شيء إلا في الحدود والقصاص" وعبارة الكمال بن الهمام وهي: "وأما الذكورة فليست بشرط إلا للقضاء في الحدود والدماء فتقضي المرأة في كل شيء إلا فيهما" فلا يصح تصوره في عبارة الكاساني, وهو أحد أشهر فقهاء الحنفية، فعبارته نصها: "وأما الذكورة فليست شرط جواز التقليد في الجملة؛ لأن المرأة من أهل الشهادة في الجملة، إلا أنها لا تقضي بالحدود والقصاص؛ لأن لا شهادة لها في ذلك، وأهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة"٢.

فعبارة الكاساني غير دقيقة، ولو قال: "وأما الذكورة فليست من شرط


١ نظم القضاء في الإسلام، للمستشار جمال صادق المرصفاوي من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي الذي عقد بالرياض سنة ١٣٩٦هـ، طبعته إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود، ١٤٠١هـ، ١٩٨١م.
٢ الكاساني في بدائع الصنائع، ج٧، ص٣.

<<  <   >  >>