للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك لأن قواعد اللغة العربية تقتضي أن المبتدأ المعرف بلام الجنس١ يقصر على الخبر، مثل أن تقول الكرم التقوى، والإمام من قريش٢، والشاعر شوقي وما ماثل هذا، والحصر هنا حصر إضافي أي: بالنسبة إلى النساء، فالمعنى: القوامة للرجال على النساء وليس العكس، وهذا يستلزم أن لا تجوز ولا تصح ولاية المرأة القضاء، وإلا كان للنساء قوامة على الرجال، وهذا يتعارض مع ما أفادته الآية الكريمة.

مناقشة هذا الدليل:

نوقش هذا الدليل بما يأتي:

أولا: أن المراد بالقوامة في الآية الكريمة ليس المراد بها القوامة العامة التي تشمل القضاء وغيره، بل المراد هنا قوامة خاصة، وهي قوامة رب الأسرة عليها، أي: في الولاية الأسرية التي أشار إليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "والرجل في أهله راع هو مسئول عن رعيته" فيستأذن ويطاع، ويمتلك حق التأديب.

فالآية الكريمة -إذن- ليست في موضوع النزاع، والذي يدل على أن المراد بالقوامة في الآية هي قوامة رب الأسرة عليها: ثلاثة أمور:

الأمر الأول: سبب نزول الآية، فقد روي أن سعد بن الربيع نشزت امرأته فلطمها، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- شاكية، فقال لها: "بينكما القصاص"


١ فائدة نحوية: علماء النحو يختلفون في أن التعريف باللام أو مجموع الألف واللام, ويختلفون أيضًا في أن "ال" حرف ثنائي همزته وصل، وهذا مذهب سيبويه، أو همزته قطع وهو رأي ابن مالك، ومن أجل هذا الخلاف يقال: الألف واللام، ويقال "ال" وهو قول من جعله ثنائيا همزته أصلية، فإنه يقول "ال" ولا يقول الألف واللام، كمالا نقول في "قد" القاف والدال، ويقال اللام وهو قول من جعل التعريف بها.
الأشباه والنظائر، لعبد الوهاب بن السبكي، ج٢، ص١١٧.
٢ نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار، لشمس الدين أحمد بن قودر، وهي تكملة فتح القدير للكمال بن الهمام، ج٨، ص١٥٣، دار الفكر.

<<  <   >  >>