للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ١. فأمسك -صلى الله عليه وسلم- حتى نزل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآية، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أردت أمرا وأراد الله غيره" ٢. وهذا دليل على أن المراد بالقوامة قوامة الزوج على زوجته بالتأديب.

الأمر الثاني: تركيب الآية وسياقها، فإن فيها إشارة إلى المهر، والنفقات التي يتحملها الأزواج، بقوله تعالى في الآية: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ، وفيها إشارة إلى ما يجب للزوج على زوجته من طاعة وأمانة، وهو قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} وفيها إشارة إلى السلطة المخولة للأزواج على زوجاتهم، وهو قوله تعالى: {وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} .

فهذا يدل على أن المراد بالقوامة في الآية قوامة الرجال على زوجاتهم، وليس توليتهم عليهن في الولايات العامة، كرياسة الدولة، وغيرهما من الولايات.

الأمر الثالث: صلاحية المرأة للولايات الخاصة، فالآية تفيد العموم إذن، ومما يبين أن المرأة تصلح للولايات الخاصة أنها تصلح وصية على اليتيم، وتصلح ناظرة مال الوقف؛ فلأنها قادرة على أن تقوم بأمور هذه الولاية جاز إسنادها إليها، فكذلك يجوز إسناد الولايات العامة إليها، ما دام مناط الحكم -وهو القدرة- متحققا، والحكم هو جواز وصحة الإسناد إليها، ولا تأثير لعموم الولاية أو خصوصها بعد أن تتحقق قدرة المرأة على ممارسة الولاية، ولولا أن الإجماع قد قام


١ سورة طه، الآية: ١١٤.
٢ أحكام القرآن لابن العربي، ج١، ص٤١٥، وقد ذكر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن روايات أخرى.

<<  <   >  >>