للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعرفه الصنعاني بأنه: "إلزام ذي الولاية بعد الترافع". وذكر الصنعاني تعريفا آخر لغيره من العلماء هو أنه: "الإكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة"، ثم بيّن الصنعاني أن المراد بالجهة كما لو حكم القاضي لبيت المال "الخزانة العامة للدولة"، أو عليه١.

رأي القرافي:

ويرى القرافي -أحد كبار علماء المالكية- التعبير بإنشاء الإلزام بدلا من الإلزام، فقد عرف الحكم أي: القضاء بقوله: "إنشاء إلزام أو إطلاق"، فإنشاء الإلزام كما إذا حكم القاضي بلزوم المهر للزوجة، أو النفقة لها، أو حكم بلزوم الشفعة، وما ماثل هذا.

فالحكم بالإلزام هو الحكم، وأما الإلزام الحسي من حبس أو غيره فليس بحكم؛ لأن القاضي قد يعجز عن ذلك. وأما الحكم بالإطلاق فكما لو نظر القاضي في قضية أرض زال الإحياء عنها٢، فحكم بزوال الملك، فإنها تبقى مباحة


١ سبل السلام، للصنعاني، ج٤، ص١١٥.
٢ إصلاح الأراضي البور يسمى في الاصطلاح الفقهي: إحياء الموات، شبه العلماء عمارة الأرض بالحياة، وتعطيلها بعدم الحياة، فإحياء الأرض عمارتها، وبيّن العلماء أن الموات هو ما ليس يملكه أحد من الأرض، ولا ينتفع بها بأي وجه من وجوه الانتفاع، ويكون موقعها خارج البلد، وعلى هذا لا يعد مواتا أرضًا مملوكة لأحد، أو أرضًا ينتفع بها على أي صورة كان الانتفاع كما لو كانت مرعى للحيوانات، أو كانت أرضًا داخل البلد.
وجمهور العلماء على أنه يجوز إحياء الموات وتملكه ولو لم يستأذن الحاكم في ذلك، وأبو حنيفة يشترط استئذانه.
وقد استند الجمهور إلى ظاهر الحديث الوارد في هذا، وهو ما رواه البخاري عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها"، قال عروة: وقضى به عمر في خلافته.
واستندوا أيضًا إلى القياس على تملك الماء المأخوذ من البحر والنهر، وما صيد من الطيور والحيوانات، فإن العلماء متفقون على أنه لا يشترط في ذلك إذن الحاكم. سبل السلام، للصنعاني، ج٣، ص٨٢. والفقه الإسلامي وأدلته، للدكتور وهبة الزحيلي، ج٤، ص٧٠.

<<  <   >  >>