للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: أن فعل عمر ليس حجة؛ لأنه لا حجة لكلام أحد أو فعله سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، كما هو الراجح عند علماء الأصول، ولم يدع أحد من العلماء أنه لم يعرف لفعل عمر مخالف، حتى يكون إجماعا تثبت به الدعوى.

وقد علق بعض الباحثين١ على استدلال ابن حزم بهذا الأثر المروي عن عمر قائلا: ومن العجيب أن يستدل ابن حزم بفعل عمر مع أنه ينفي حجية رأي الصحابي، وأعجب من هذا أنه خالف عادته عند الاستدلال بهذا الأثر، فلم يذكر له سندا، أو درجة، وأعجب من العجب أن يستأنس هنا بقول أبي حنيفة مع أنه أوسعه في غير هذا الموضع تشنيعا، وتجريحا.

والأعجب من ذلك كله أنه يرى أن المرأة لا تزوج نفسها، ولا غيرها، ثم يرى هنا تقليدها القضاء لتزوج غيرها بمقتضى ولاية القضاء.

ونقول من الممكن أن يتولى عقد الزواج في حال المرأة التي لا ولي لها قاض رجل، ولا تتولاه المرأة إذا كانت قاضية، وهذا لا مشقة فيه.

ثانيا: سلمنا جدلا أن فعل عمر حجة، لكن هذا الأثر بالذات لم يثبت عنه، ولهذا يقول ابن العربي: "وروي أن عمر قدم امرأة على حسبة السوق، وهذا لم صح، فلا تلتفتوا إليه، إنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث"٢.

الدليل الرابع: أنه ثبت أن الشرع أعطى للمرأة حق الولاية على بيت زوجها، وقيامها على إدارته وتدبيره فيجوز توليتها القضاء قياسا على ولايتها على بيت زوجها، بجامع أن كلا منهما ولاية، روى أحمد، ومسلم عن ابن عمر أن


١ أستاذنا الدكتور عبد العال عطوة في محاضرات في علم القضاء، ص٨٠.
٢ أحكام القرآن لابن العربي، ص٣ ث ١٤٤٥، ونظام القضاء في الإسلام. مصدر سابق، ص٣٩، ومحاضرات في علم القضاء، مصدر سابق، ص٨٠.

<<  <   >  >>