للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القياس ليس مصدرا من مصادر التشريع، وهو مذهب الظاهرية الذي ينتمي إليه ابن حزم، قال ابن حزم: "ولا يحل الحكم بقياس، ولا بالرأي، ولا بالاستحسان، ولا بقول أحد ممن دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم، دون أن يوافق قرآنا أو سنة صحيحة؛ لأن كل ذلك حكم بغالب الظن، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} وقال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث" ١.

ولهذا فإن ابن حزم لم يسق هذا الأثر ليقيس القضاء على الحسبة, وإلا لكان وقع في خطأ هو استدلاله بالقياس مع أن القياس لا يستدل به الظاهرية، وإنما كانت عبارة ابن حزم في كتابه المحلى: "وجائز أن تلي المرأة الحكم وهو قول أبي حنيفة، وقد روي عن عمر بن الخطاب، أنه ولى الشفاء -امرأة من قومه- السوق"٢.

وغالب الظن أن ابن حزم يرى أن المرأة التي يروى أن عمر بن الخطاب ولاها السوق، تولت القضاء والفصل في الخصومات التي تحدث بين أهل السوق. فلم يذكر ابن حزم هذا الأثر ليقيس القضاء على عمل المرأة التي روي أن عمر ولاها السوق، وإنما في غالب الظن هو يرى أن هذا العمل هو في حقيقته نوع من القضاء.

مناقشة الدليل:

أجيب عن هذا الدليل بما يأتي:


١ المحلى، لابن حزم، ج٩. ص٣٦٣.
٢ المصدر السابق، ح٩، ص٤٢٩.

<<  <   >  >>