للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ١ وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ٢ فكم من صالح لا شك في صلاحه من عصمته أن لا يحد وفي نفسه أن لا يعصي، فإذا جرت عليه المقادير وغلب هواه قامت نفسه فانبعث منها ما لا يبقى معه صلاح.

"فلا بد أن يمتحن الصالح حتى يعرف حاله في الرضا والغضب، وعند الأغراض، فإذا استوى كلامه فهو العدل، وإلا فليس بعدل وإن كان صالحا قبل حصول ما يغيره.

فالعدالة هيئة راسخة في النفس تحمل على الصدق في القول في الرضا والغضب، ويعرف ذلك باجتناب الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر وملازمة المروءة والاعتدال، عند انبعاث الأغراض حتى يملك نفسه عن اتباع هواه.

"فقد رأيت من لا يقوم على ذنب فيما يعتقد ثم يستر هواه، على عقله أعاذنا الله من ذلك".

هذا ما يراه بعض العلماء نقله عنهم ابن السبكي وارتضاه مع زيادة رآها لا بد منها وهي -كما قال: "يشترط مع ذلك أن لا يكون متلبسا -حال الشهادة- بمعصية، وإن كانت صغيرة تغتفر إذا لم يكن متلبسا بها حال الشهادة.

قال ابن السبكي: "وهذا لأن المعاصي من حيث هي منافية للعدالة، إلا أننا اغتفرنا الصغائر لقلة الصون عنها، ولا يقبل ذلك عند أداء الشهادة، فلمنصب


١ سورة الأنعام، الآية رقم: ١٥٢.
٢ سورة البقرة، الآية رقم: ١٤٣.

<<  <   >  >>