للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهادة أهبة تنافي المعاصي عنده.

قال ابن السبكي: "وكان هذا للمحافظة على هذا المنصب، فإن من تلبس بالمعصية حال الشهادة كأنه لا مروءة له، وهذا الشرط قاله بعض أصحابنا بدليل".

انتهى كلام ابن السبكي أحد كبار علماء الشافعية، وواضح من كلام ابن السبكي وشيخه أنهما يشددان في تحقيق العدالة ليتحقق الاحتياط الكامل في حقوق الناس، لكن هذا التشديد قد لا يكون متيسرا في الواقع؛ لأن ابن السبكي وشيخه يريان أنه لا بد من امتحان الصالح حتى يعرف حاله في الرضا والغضب وعند الأغراض، فإذا استوى كلامه فهو العدل، وإلا فليس بعدل وإن كان صالحا قبل حصول ما يغيره.

وكأن معنى هذا أننا كلما احتجنا إلى العدالة في ولاية كالشهادة أو القضاء، أو رياسة الدولة أو غير ذلك يمتحن من نحتاج إلى شهادته، أو قضائه، أو رياسته، ولا نحكم على الناس أنهم عدول إلا إذا عرضناهم لمواقف نختبرهم فيها لنعرف حالهم في الرضا والغضب وعند الأغراض، وأظن أن هذا أمر مبالغ فيه.

ثم نسأل: من سيمتحن من؟ هل كل الناس سيتحولون إلى ممتحنين -بصيغة اسم الفاعل- وممتحنين -بصيغة اسم المفعول- أم أن الحكام سيمتحنون المحكومين أم ماذا؟ هذا رأي فيه شدة.

وإذا انتقلنا إلى فقيه آخر من فقهاء الشافعية هو الإمام السيوطي نجده ينهج نفس المنهج في التشديد في تحقيق العدالة، فقد ذكر السيوطي تعريفا للعدالة عند بعض العلماء هو: "اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر" أي: واجتناب الإصرار

<<  <   >  >>