للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ينظر إليه الناس نظرة الازدراء والتحقير.

وأيضًا؛ فلأن الأصل -كما قال العلماء١- أن حفظ المروءة من الحياء ووفور العقل، وطرح ذلك إما لخبل بالعقل، أو قلة حياء أو قلة مبالاة بنفسه، وحينئذ فلا يوثق بقوله في حق غيره، وهو أولى؛ لأن من لا يحافظ على ما يشينه في نفسه فغيره أولى، فإن من لا حياء فيه يصنع ما يشاء.

لا يخرج الشخص عن العدالة بفعل صغيرة:

والعدالة نقيضها الفسق، والعدل نقيضه الفاسق، وقال العلماء إنه لا يخرج الشخص عن العدالة بفعل صغيرة، لقول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} قيل: اللمم هو صغار الذنوب؛ ولأن التحرز من الصغائر غير ممكن، لكن بعض العلماء قالوا أيضًا إن الإصرار على الصغيرة يخل بالعدالة، كما سبق أن بينا.

المراد بالإصرار على الصغيرة:

المراد بالإصرار على الصغيرة -عند بعض العلماء: التكرار، فلو فعلها مرة واحدة لا يكون مصرا، قال العز بن عبد السلام: "إذا تكررت منه الصغيرة تكررا يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك ردت شهادته، وروايته بذلك"، وقال البعض الآخر: المراد عدم التوبة، حتى لو فعلها مرة من غير توبة كان مصرا، وقيل أيضًا: هو العزم على المعاودة بعد الفعل وقبل التوبة، وقيل الإصرار على الصغيرة يكون بأن لا تغلب طاعاته معاصيه٢.

قال الشافعي -رضي الله عنه: إذا كان الأغلب الطاعة والمروءة قبلت


١ كفاية الأخيار، لتقي الدين الحصني، ج٢، ص٢٧٩.
٢ المغني، ج٩، ص١٦٨.

<<  <   >  >>