للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القضاء من أعمال الطاعات:

والقضاء يعد من أعمال الطاعات والتقرب إلى الله -عز وجل- إذا أخلص فيه القاضي وقصد به وجه الله؛ لأن في القضاء أمرًا بالمعروف، ونصرة للمظلوم، وأداء للحقوق إلى أصحابها، وإصلاحا بين الناس، وتخليصا لبعضهم من بعض، وذلك كله من أبواب الطاعات والتقرب إلى الله -عز وجل- ولذلك تولى النبي -صلى الله عليه وسلم- القضاء، وتولاه الأنبياء قبله، عليهم الصلاة والسلام جميعًا، فكانوا يحكمون لأممهم، وبعث -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قاضيًا إلى اليمن، وكذلك بعث معاذ بن جبل قاضيا.

خطر القضاء:

لكن يجب أن يلاحظ أنه إذا لم يقم صاحب هذا المنصب الخطير بما أوجبه الشرع، ولم يؤد الحق فيه، فإنه يعرض نفسه لخطر عظيم ووزر كبير، ولذلك نقل عن علمائنا السابقين -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يتخوفون منه، ويمتنعون عن توليه أشد الامتناع، فقد حكى العلماء أن أبا حنيفة اجتنب القضاء، وصبر على الضرب، والسجن حتى مات في السجن، وقال: البحر عميق فكيف أعبر بالسباحة؟ ١. وامتنع الشافعي لما استدعاه المأمون للقضاء.

ويقال أعلم الناس بالقضاء أشدهم له كراهة٢.

ولشدة خطره نجد رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما رواه أبو هريرة عنه: "من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين"، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود


١ شرح فتح القدير، للكمال بن الهمام، وحاشية سعدي جلبي، ج٧، ص٢٦٠.
٢ المغني لابن قدامة، ج٩، ص٣٤, ٣٥، وسبل السلام، ج٤، ص١١٧.

<<  <   >  >>