للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما هو نوع الاجتهاد المشترط في القاضي عند من يقول به من العلماء من هذه الأنواع الثلاثة؟

أغلب الذين يشترطون الاجتهاد في القاضي يريدون به الاجتهاد المطلق، وقد بين العلماء أنه لا بد من توفر عدة أمور علمية، عند الشخص حتى يصح أن يتحقق عنده الاجتهاد المطلق، وهذه الأمور هي -بعد تحقق عدة شروط بدهية، وهي شرط الإسلام والبلوغ، وشدة الفهم بالطبع- ما يأتي:

أولا: لا بد أن يكون عارفا من القرآن والسنة ما يتعلق بالأحكام، ولا يشترط أن يكون حافظا للآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة عن ظهر قلب، بل يكفي أن يكون عارفا بمواضع أحكام القرآن والسنة، لكي يرجع إليها عند الاحتياج إليها، لكن يجب أن يعرف خاص القرآن وخاص السنة وعامها، ومطلقهما ومقيدهما، ومجملهما ومبينهما، ويعرف الناسخ والمنسوخ، والنص والظاهر، والمحكم١ ويعرف من الستة: المتواتر، والآحاد؛ لأنه لا يتمكن من الترجيح بين


١ المحكم: هو اللفظ الذي وضحت دلالته على الحكم، ولا يحتمل تأويلا، ولا تخصيصا، ولا نسخا.
- مثل النصوص التي تدل على أحكام أساسية هي من قواعد الدين، كالإيمان بالله تعالى, وملائكته.. إلخ.
- أو كان نصًّا دل على حكم شيء هو من أمهات الفضائل كالعدل، والوفاء بالوعد.
- أو دل على حكم جزئي ورد التصريح بتأييده ودوامه، مثل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} .
الظاهر: هو اللفظ الذي وضحت دلالته على معناه، بحيث لا يتوقف فهم المراد منه على قرينة خارجية، مع احتمال التأويل والتخصيص, ولم يكن الحكم المستفاد منه هو المقصود الأصلي من سوق الكلام، مثاله: قول الله تبارك وتعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فكلمة {أَحَلَّ} تدل دلالة واضحة على حرمة الربا, لكن كلا منهما ليس مقصودا بالأصالة من سوق الكلام، وإنما المقصود الأصلي بيان الفرق بين البيع والربا=

<<  <   >  >>