للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكم في جميع أبواب الشرع، بأن كان يستطيع أن يفتي في العبادات، والمعاملات من بيع وإجارة، ورهن، وشفعة، وغيرها، ومسائل الأسرة والجنايات وما عدا هذا من أبواب الشرع.

النوع الثاني: اجتهاد المذهب، وهو أن يكون متمكنا من معرفة الأحكام في الوقائع التي لم يرد فيها نص عن إمام مذهبه، بطريق التخريج على النصوص، أو القواعد المنقولة عن هذا الإمام، فاجتهاده لا يخرج عن دائرة إمام مذهبه١.

النوع الثالث: اجتهاد الفتوى، وهو أن يكون متمكنا من ترجيح قول لإمام المذهب على قول آخر، أو الترجيح بين ما قاله الإمام وما قاله تلاميذه، أو غيره من الأئمة.

فالمجتهد المطلق مثل علماء الصحابة وأئمة المذاهب الأربعة المشتهرة، أبي حنيفة، ومالك والشافعي، وأحمد بن حنبل -رضي الله عنهم- جميعا.

ومجتهد المذهب كابن القاسم، وأشهب في المذهب المالكي، والكمال بن الهمام في المذهب الحنفي، والغزالي، والنووي في المذهب الشافعي، ومجتهد الفتوى ككبار المؤلفين من أهل المذاهب٢.


١ لكل إمام من الأئمة المجتهدين أصول يسير عليها في الاستنباط، وتختلف هذه الأصول بين الأئمة في بعضها، فمثلا يرى أبو حنيفة أنه إذا خالف الراوي بفعله ما رواه، فإنه يجب الأخذ بفعله لا بما رواه، ويرى الشافعي وجوب الأخذ بما رواه، وتطبيق هذه القاعدة يتضح مما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب"، فهذا حديث رواه أبو هريرة لكن ثبت من فعل أبي هريرة أنه غسل أقل من السبع، فهل نأخذ بروايته أم نأخذ بفعله؟ أبو حنيفة يرى الأخذ بالفعل؛ لأن دلالة الفعل أقوى من دلالة القول، والشافعي يرى الأخذ بالقول لاحتمال النسيان من أبي هريرة.
٢ حاشية ابن عابدين، ج٥، ص٣٦٥.

<<  <   >  >>